أعلن وزيرا السياحة والنقل في سوريا، عقب لقاء جمعهما لمناقشة عدد من المشاريع التنموية الهادفة إلى إعادة تشكيل مشهد النقل في البلاد وتحديثه وفق رؤى قائمة على الحداثة والتطور، عن مبادرة نوعية لإدخال السيارات الكهربائية إلى السوق المحلية.
وخلال اللقاء الذي جمع وزير النقل، يعرب بدر، ووزير السياحة، مازن الصالحاني، تم مناقشة إطلاق أول وكالة متخصصة في السيارات الكهربائية في سوريا، ودراسة مبادرة شركة (SEVENTY SEVEN AUTO LTD) لإطلاق هذه الوكالة، التي تهدف إلى توفير حلول نقل حديثة.
ووفقاً للطرفين، شملت الحلول المقترحة السيارات الكهربائية الفاخرة، بالإضافة إلى حافلات النقل العام وآليات البناء الكهربائية، وذلك ضمن خطة شاملة للتحول التدريجي نحو الطاقة النظيفة عبر مختلف القطاعات.
كما تناولت المناقشات مشروع “إليكترو تاكسي”، الذي يهدف إلى تشغيل أسطول من سيارات الأجرة الكهربائية الجديدة المصنعة عام 2025، وذلك بهدف تحسين جودة النقل المريح للمواطنين والزوار، وتقليل الانبعاثات الكربونية الضارة، إلى جانب تحسين جودة الهواء في المدن.
إلى جانب ذلك، سيساهم المشروع في دعم القطاع السياحي من خلال تحسين المشهد الحضري للمدن وتقديم خيارات نقل حديثة، فضلاً عن توفير فرص عمل لمئات السائقين والإداريين، مما يعكس تأثيراً اجتماعياً واقتصادياً بالغ الأهمية.
وأكد الوزيران في اجتماعهما، على أهمية دعم المستثمرين في هذه المشاريع وإزالة أي تحديات محتملة قد تواجه تنفيذها، مشيدين بالمبادرات المماثلة التي تسهم في تحسين الحياة اليومية وتعزز الصورة الإيجابية لسوريا.
اقرأ أيضاً: ميناء طرطوس يعود للواجهة بتمويل إماراتي ثقيل
السيارات الكهربائية والسوق الحالي!
في ظل التحول المستقبلي نحو السيارات الكهربائية، تشهد الأسواق السورية حالياً ارتفاعاً ملحوظاً في استيراد المركبات التقليدية العاملة بالوقود، وذلك بعد سنوات من الركود شبه الكامل في هذا القطاع.
ويشير هذا التحول إلى عودة تدريجية للحركة التجارية، وقد تجلى ذلك بوصول أول سفينة محملة بآلاف السيارات إلى ميناء طرطوس، وهو حدث اعتبره الخبراء مؤشراً أولياً على استعادة الثقة في النشاط التجاري وتزايد الانفتاح الاقتصادي.
وبحسب تصريحات مدير مديرية استيراد السيارات في وزارة النقل، فقد تجاوز عدد المركبات المستوردة منذ ديسمبر 2024 حاجز 100 ألف سيارة، دخلت البلاد عبر المنافذ البرية والبحرية، لا سيما من خلال معبر درعا والموانئ الغربية.
ويأتي هذا الارتفاع نتيجة لتعديلات حكومية داعمة، شملت تخفيف الرسوم الجمركية وإلغاء الحظر على استيراد السيارات من موديلات 2010 وما قبل، والسماح باستيراد الموديلات من 2011 فما فوق، ضمن خطة تهدف إلى تحديث أسطول المركبات في البلاد.
كما تم تحديد رسوم جمركية ثابتة بمعدلات أقل مقارنةً بالأعوام السابقة، مما ساهم بشكل مباشر في انخفاض أسعار السيارات المستوردة، وجعلها أكثر توافقاً مع إمكانيات المواطنين، الأمر الذي أتاح لشريحة أوسع إمكانية اقتناء هذه المركبات مقارنةً بالسنوات الماضية.
تحديات الاستيعاب وضغوط البنية التحتية والاقتصاد
رغم الانفتاح السريع على استيراد السيارات التقليدية، إلا أن هذا التوجه يفرض تحديات كبيرة تستدعي معالجة فورية ودراسة دقيقة، من أبرزها الضغط المتزايد على قطاع الطرق، نتيجة تهالك البنية التحتية وغياب الصيانة الدورية المنتظمة للمركبات، بسبب الظروف السابقة في البلاد، مما أدى إلى تفاقم الاختناقات المرورية وارتفاع معدلات حوادث السير.
وقد سجل الدفاع المدني في سوريا منذ بداية العام 39 حالة وفاة وأكثر من 560 إصابة ناجمة عن الحوادث، وهو ما يشير إلى خطورة الوضع المروري الراهن.
أما على الصعيد الاقتصادي، فيرى الخبراء أن دخول أعداد كبيرة من السيارات التقليدية قد يؤدي إلى استنزاف الموارد المالية، خاصة في ظل شح العملة الأجنبية، إذ يتم شراء معظم هذه المركبات بالدولار من السوق السوداء أو من مدخرات المغتربين، الأمر الذي يفاقم الضغط على العملة المحلية ويؤثر على استقرارها في بلد يعاني من أزمة حادة في القطع الأجنبي.
إضافة إلى ذلك، يعتبر البعض أن استيراد السيارات يمثل شكلاً من أشكال الاستهلاك الكمالي، في وقت تعاني فيه الأسواق من نقص في السلع الأساسية، مما يفرض ضرورة إعادة النظر في أولويات الإنفاق وتوجيه الموارد نحو مشاريع إنتاجية أكثر أهمية.
كما عبر البعض عن مخاوفهم من ارتفاع الأسعار في بعض المناطق نتيجة تزايد الطلب، فضلاً عن تفاقم مشكلة الازدحام التي أصبحت مشهداً يومياً على الطرق الرئيسية، وهو ما يستدعي اتخاذ تدابير تنظيمية عاجلة للحد من تأثير هذا التحول على الاقتصاد والبنية التحتية.
اقرأ أيضاً: كيف سيؤثر قرار رفع العقوبات على الاقتصاد السوري؟
خطوات تنظيمية ومستقبل النقل في سوريا
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه قطاع النقل، أكد وزير النقل أهمية تنظيم عملية استيراد السيارات التقليدية بشكل أكثر فاعلية، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل حالياً على اتخاذ إجراءات جديدة لضبط هذا الاستيراد، وذلك عقب تسجيل حالة من “الإفراط” في دخول السيارات إلى السوق.
ويتوقع الخبراء استمرار نمو سوق السيارات ونشاط الخدمات المرتبطة بها، مما قد يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الحركة الاقتصادية المحلية.
ومع ذلك، تبرز الحاجة الملحة إلى وضع آليات تنظيمية أكثر دقة لمواكبة هذا النمو السريع، مثل ربط عمليات الاستيراد بقدرة المدن على استيعاب السيارات الجديدة، وإنشاء نظام تسجيل شامل للمركبات، وتخصيص جزء من الرسوم الجمركية لتحسين وتطوير شبكة الطرق والمواقف العامة.