في مشهدٍ رقميٍّ متسارع، حيث تتقاطع التكنولوجيا مع السياسة والأمن، شهدت مدينة دبي يوم 2 أيار/مايو 2025 حدثاً استثنائياً بعنوان «يوم بناة تيليغرام» (Telegram Builders Day)، مسلطاً الضوء على مستقبل التطبيقات اللامركزية ضمن منظومة تيليغرام. وفي الوقت ذاته، تتصاعد في سوريا موجة استخدام التطبيق، حتى باتت السلطات الرسمية تعتمد عليه أكثر من غيره، بما في ذلك منافسه الأبرز واتساب. فما الذي يدفع لهذا التحول؟ وما علاقة مؤسس تيليغرام، بافيل دوروف (Pavel Durov)، الذي اعتُقل في فرنسا، بهذه التحولات؟
تيليغرام يحتفل في دبي
في الثاني من أيار/مايو 2025، استضافت دبي فعالية «يوم بناة تيليغرام»، التي جمعت مطوري التطبيقات، والمستثمرين، ورواد الأعمال لاستكشاف إمكانيات التطبيقات اللامركزية ضمن منظومة تيليغرام. وشهد الحدث، الذي نظمته Epic Web3، مشاركات من شركات بارزة مثل Notcoin وAnimoca Brands وTON Ventures، مما يعكس التزام تيليغرام بتوسيع بيئته الرقمية وتعزيز الابتكار في مجال Web3.
وكانت قد ألقت السلطات الفرنسية 24 آب/أغسطس 2024 القبض على بافيل دوروف، مؤسس تيليغرام، في مطار لو بورجيه بباريس، بتهم تتعلق بتسهيل استخدام التطبيق في أنشطة غير قانونية مثل استغلال الأطفال في المواد الإباحية وتجارة المخدرات. ورغم دفعه كفالة قدرها 5 ملايين يورو، وُضع دوروف تحت المراقبة القضائية ومنع من مغادرة فرنسا، حتى سُمح له بمغادرتها في آذار/مارس 2025.
أثارت هذه القضية جدلاً واسعاً حول مسؤولية منصات التواصل عن المحتوى الذي يُنشر عبرها، وكذلك حول توازن الخصوصية مع متطلبات الأمن. وقد دافع دوروف عن موقفه، مؤكداً أن تيليغرام يتعاون مع السلطات ويتجاوز المتطلبات القانونية في مكافحة الجريمة، لكنه أشار إلى أن النمو السريع لقاعدة المستخدمين قد يُستغل من قبل بعض الجهات السيئة حسب تعبيره.
سوريا: تيليغرام يتصدر المشهد الرقمي
في سوريا، يشهد تيليغرام نمواً ملحوظاً في الاستخدام، حتى أن العديد من الوزارات والهيئات الرسمية باتت تعتمد عليه كوسيلة تواصل رئيسية، مبتعدة عن واتساب. وهذا التحول قد يُعزى بالمعنى العام إلى إلى عدة عوامل:
الرقابة والخصوصية: تيليغرام يوفر قنوات مشفرة ومجموعات كبيرة، مما يمنح المستخدمين شعوراً أكبر بالخصوصية مقارنةً بواتساب.
المرونة في الاستخدام: يتيح تيليغرام إنشاء قنوات ومجموعات بسهولة، مع إمكانية الوصول إلى جمهور واسع دون الحاجة لمشاركة أرقام الهواتف.
القيود التقنية: بعض الخدمات المرتبطة بواتساب قد تكون محدودة أو غير متاحة في سوريا بسبب العقوبات أو القيود التقنية، مما يدفع المستخدمين للبحث عن بدائل أكثر فعالية.
اقرأ أيضاً: الدرونات والمسيرات تغيّر قواعد اللعبة.. ماذا عن مستقبل سوريا العسكري؟
لماذا تيليغرام؟
في ظل غياب بيانات رسمية سورية توضح أسباب هذا التحول، نحاول في «سوريا اليوم 24» تقديم تحليل للأمر بصورة منطقية، فيبدو لنا بصورة عامة أن تيليغرام يتيح للسلطات التحكم في المحتوى عبر إنشاء قنوات رسمية تبث من خلالها المعلومات مباشرةً للجمهور، مما يمنحها سيطرة أكبر على الرسائل الموجهة للمواطنين.
كذلك، يتيح التطبيق المرونة في التعامل مع الجمهور، فمن خلال تيليغرام، يمكن للجهات الرسمية التفاعل مع المواطنين بطرق متعددة، مثل الاستطلاعات أو الردود المباشرة، مما يعزز التواصل الفعّال.
لكن الأهم من ذلك ربما، هو أن الأعطال المفاجئة التي شهدتها وسائل التواصل الأخرى مثل «فيسبوك» و«واتساب» و«إنستغرام» خلال السنوات الماضية، دفعت المؤسسات الحكومية والأفراد إلى إيجاد منصات بديلة من خارج صندوق «ميتا» لتكون ملاذاً لها عند الحاجة، ولا تنقطع أمامها سبل التواصل عند الطوارئ الكبرى. وبالمناسبة كان من الملاحظ أن «تيليغرام» شهد نقلات نوعية بأعداد المستخدمين مع كل عطل طارئ أصاب تطبيقات «ميتا» بما فيها «إكس».