أعلنت الهيئة العامة للضرائب والرسوم في سوريا عن خطوة تنظيمية هامة، تمثلت في فتح الخرائط لإعادة تقييم القيمة الرائجة للوحدات العقارية في مختلف المحافظات.
وتأتي هذه الخطوة في إطار تطبيق أحكام القانون رقم 15 لعام 2021 الخاص بضريبة البيوع العقارية، وسط حالة من الجمود غير المسبوق في سوق العقارات منذ الثامن من كانون الأول الماضي، نتيجة التغيرات السياسية الأخيرة في البلاد.
ويعرف مصطلح “القيمة الرائجة” على أنه السعر التقديري للعقار في السوق بتاريخ معين، وفقاً للأسعار السائدة، مع مراعاة مجموعة من العوامل المؤثرة، أبرزها موقع العقار، نوعه، مساحته، الإكساء، الطابق، الواجهة والاتجاه، إضافة إلى حالته العامة.
ويهدف اعتماد القيمة الرائجة إلى تحقيق تقييم واقعي للعقارات، لضمان احتساب ضريبة البيوع العقارية بعدالة وشفافية، بدلاً من الاعتماد على السعر المسجل في عقد البيع من القيمة الحقيقية بهدف التهرب الضريبي.
كما تستخدم هذه القيمة في تقدير الرسوم العقارية عند نقل الملكية، إلى جانب تطبيقات قضائية ومصرفية مثل الرهونات العقارية.
إعادة تقييم شاملة وتسريع لعمل اللجان
طالبت الهيئة العامة للضرائب والرسوم المديريات المالية في المحافظات إلى المباشرة بأعمال اللجان الفرعية والرئيسية لإعادة التقييم، اعتباراً من تاريخ صدور التعميم، بهدف تحديث قاعدة بيانات القيمة الرائجة للعقارات، وهي القيمة التقديرية التي ستعتمدها وزارة المالية في حساب ضريبة البيوع العقارية والرسوم الأخرى، بدلاً من السعر المسجل في عقد البيع.
كما شددت الهيئة في بيانها على ضرورة الالتزام بالجدية في تنفيذ أعمال التقييم، وموافاة الجهات المختصة بالنتائج خلال مدة لا تتجاوز شهرًا واحدًا، لضمان تسريع تطبيق القانون وتحديث هذه البيانات الحيوية.
اقرأ أيضاً: إجراءات جديدة لتسجيل العقارات والمركبات في سوريا
المعايير والإجراءات الضريبية لاحتساب القيمة الرائجة
أطلقت وزارة المالية وهيئة الضرائب والرسوم، منذ عام 2021، نظاماً إلكترونياً مطوراً لربط البيانات العقارية واحتساب القيمة الرائجة بدقة وشفافية، بهدف توحيد المعايير وتفادي التقديرات الذاتية.
ويستند هذا النظام على مجموعة من المعايير تحدد بموجبها القيمة الرائجة للعقار، من خلال مقارنة مساحة العقار في مكان التقييم مع قيم ثلاثة عقارات مشابهة ضمن الحي نفسه، كما يتم حساب قيمة المتر المربع الواحد في الحي عبر تقسيم مجموع قيم تلك العقارات الثلاثة على مجموع مساحتها، ثم يضرب الناتج بمساحة العقار المراد تقييمه، ليعطى بذلك تقدير دقيق للقيمة الرائجة.
ووفقاً لأحكام القانون رقم 15 لعام 2021، يتوجب على البائع والمشتري في عمليات بيع العقارات السكنية والتجارية والأراضي، كشرط إلزامي لإتمام عملية البيع، تحويل مبلغ يعادل 15% من القيمة الرائجة المعتمدة إلى حسابات مصرفية مخصصة.
كما ينص القرار على تجميد مبلغ 500 ألف ليرة سورية في الحساب المصرفي المستخدم في عمليات بيع العقارات والمركبات لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، باستثناء الجرارات الزراعية والدراجات الآلية التي لا تخضع لهذه الإجراءات.
بالنسبة لضريبة البيوع العقارية، فقد حدد القانون رقم 15 بنسبة 1% من القيمة الرائجة للعقارات السكنية والأراضي الخارجة عن المخطط التنظيمي، و2% للأراضي الداخلة ضمن المخطط المعتمد، و3% للعقارات غير السكنية (تجارية، صناعية، سياحية)، كما تم إقرار معدل مخفض بنسبة 15% من هذه النسب لحالات انتقال الملكية عن طريق الهبة أو الوصية الواجبة.
وفيما يخص ضريبة الإيجارات، فتخضع إيجارات العقارات لضريبة دخل سنوية تحتسب بنسبة 10% من بدل الإيجار السنوي للعقارات غير السكنية، وبحد أدنى قدره 0.0006 من القيمة الرائجة، بينما تفرض ضريبة بنسبة 5% على إيجارات العقارات السكنية، وبحد أدنى قدره 0.0003 من القيمة الرائجة، مما يضمن تحقيق التوازن بين الدخل الفعلي والقيمة السوقية للعقار.
اقرأ أيضاً: أسعار العقارات في سوريا بعد سقوط الأسد
مخاوف في الشارع السوري
قوبل إعلان الهيئة العامة للضرائب في الشارع السوري بحالة من القلق والترقب، والرفض لدى الغالبية، حيث يرى العديد من المواطنين أن فتح الخرائط لاعادة تقييم القيمة الرائجة للعقارات، قد يؤدي إلى زيادة ملحوظة في الأعباء الضريبة عند بيع أو شراء العقارات، وهو أمر مرفوض في الوقت الحالي، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والتخبط الواضح بقيمة الليرة السورية.
ويقول أحد المواطنين، أن هذا القرار حتى لو كان بهدف مكافحة التهرب الضريبي، الإ أنه قد ينعكس سلباً على نشاط السوق العقاري، وبالتالي زيادة جموده، وخاصة أن القدرة الشرائية للمواطنين متدنية أساساً.
ويرى مواطن آخر، أن هذا القرار بمضمونه يشبه القرارات “الليلية الظالمة” التي كان يصدرها النظام البائد، لابتزاز وسرقة الناس، مطالباً بإعادة النظر بكل الرسوم والضرائب وإلغاء أغلبها.
سوق العقارات في سوريا
تتفاوت أسعار العقارات في سوريا بشكل ملحوظ بين مختلف المدن والمناطق، حيث تحتل العاصمة دمشق وضواحيها القائمة من حيث الغلاء.
ويعود ذلك عدد من العوامل أبرزها موقع العقار، مساحته، جودة الإكساء، وتقدير القيمة الرائجة التي تعتمدها الجهات الرسمية، إلى جانب حالة الجمود الناجمة عن ارتفاع تكاليف البناء وغياب مالشاريع العمرانية التوسعية، مما يفاقم تحديات البيع والشراء.
ورغم هذه العقبات، يظل مستقبل السوق العقاري مرهونًا بعوامل عدة، أبرزها التحسن المتوقع في الأوضاع الأمنية، وعودة السوريين من الخارج، وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار، خاصة في قطاع الإسكان والبنية التحتية.