حلب من أقدم المدن المأهولة في العالم، يعود تاريخها إلى أكثر من 12 ألف عام، فهي شاهدة على تعاقب الحضارات. لقبت بالشهباء لبياض تربتها وحجارتها، وموقعها استراتيجي ومميز كنقطة وصل بين الشرق والغرب، ما جعلها مركز تجاري وثقافي عبر العصور. تضم حلب كنوز أثرية كقلعتها الشامخة، وقد شكلت حلب العاصمة الاقتصادية للبلاد، رغم كل التحديات التي واجهتها خلال السنوات الأخيرة، تبقى رمزاً للصمود وتجمع بين أصالة الماضي وديناميكية الحاضر.
تاريخ المدينة
يعود عمرها إلى أكثر من 12200 عام، متجاوزة بذلك مدينتي دمشق وأنطاكية. موقعها شمال سوريا وتجاور الحدود التركية، تعاقبت على حلب حضارات متعددة كالحثيين والآشوريين والعرب والمغول والمماليك والعثمانيين، وجميعهم تركوا آثارهم في معالمها التراثية. لها دور بارز في المجالين العسكري والتجاري، وأثبتت تفوقها بهم عبر العصور. تبعاً لموقعها الاستراتيجي، ظلت مركز سياسي اقتصادي ديني، هذا ما جعل منها عاصمة الاقتصاد السوري. تمتد مساحة المحافظة إلى 18ألف كيلومتر ونصف كيلو متر مربع.
ذكرت حلب باسمها هذا لأول مرة عام 1800 قبل الميلاد في الكتابات المسمارية التي اكتشفت في مملكة إيبلا، وفي الألفية الثالثة قبل الميلاد كانت تسمى “أرمان”و”هليا”، وفي الكتابات الأشورية ذكرت باسم”خلابا وخلوان”، وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد ذكرت باسم “خرب” و”خلبو” و”حلبو”.
اقرأ أيضاً: الأردن تشرع أبوابها أمام السياح السوريين
الأماكن الأثرية في المدينة
في غرب المحافظة شمال سوريا، هناك قصر المشبك وقلعة سمعان: تحفتان أثريتان تعودان للقرنين الرابع والخامس الميلادي. القصر يقع قرب دارة عزة، على بعد 28 كم غرب حلب، وهو كنيسة سريانية بيزنطية بُنيت عام 470. تميز بفرادة تصميمه، حيث يقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم للرجال وآخران للنساء، ويضم 10 أعمدة منحوتة من الحجر الكلسي، موزعة بواقع 5 أعمدة لكل جانب، مع سقف خشبي مغطى بالقرميد. مشهور بمقاومته للزلازل بفضل بنيته المتشابكة، التي صمدت 15 قرناً.
أدرجته اليونسكو عام 2011 ضمن القرى القديمة في “المدن المنسية”، وهي منطقة تضم 800موقع أثري تعود للعصور المسيحية القديمة. ومن المناطق الأثرية المهمة في حلب (قلعة حلب): تعتبر من أكبر وأهم القلاع في العالم يعود تاريخ انشائها إلى عصور ما قبل الميلاد، وتعاقبت عليها العديد من الحاضرات ومع ذلك بقيت قلعة حلب شامخة كشموخ المدينة.
المسجد الأموي جرى بنائه في العصر الأموي في بداية القرن الثامن ميلادي، وهو مسجد مميز بالفن المعماري وانعكاس للفن المعماري الأموي. كذلك لدينا خان الشونة هو مكان للفنون التراثية: سوق قديم يضم الأعمال والمنتجات اليدوية التي تعبر عن تراث المدينة لاسيما المصنوعة من الفسيفساء والخيزران والنحاس والزجاج والفخار والتي يتم تزيينها بالخطوط العربية.
حيث بلغ رقم أعمال الفنادق العائدة بملكيتها لوزارة السياحة السورية عام 2024 (داما روز – شيراتون دمشق – فندق ومنتجع لا ميرا – فندق شهبا حلب) خلال الفترة من 1\1\2024 لنهاية 30\6\2024 بما يُقارب /80/ مليار ليرة سورية، بينما بلغت لنفس الفترة من العام الماضي 2023 ما يُقارب /38/ مليار ليرة سورية، مرتفعاً عن المحقق في العام 2023 بما يُقارب /42/ مليار ليرة سورية.
اقرأ أيضاً: أهلي حلب: تاريخ عريق يعكس أصالة المدينة وتراثها
حلب عاصمة الاقتصاد السوري
كانت عصب الاقتصاد السوري، ساهمت في عام 2011 بنحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي ما يقارب (16,75 مليار دولار)، و50% من الصادرات ما يقارب (308 مليار دولار)، كما ضمت 35% من المنشآت الصناعية في البلاد. وفي الزراعة، امتلكت 12 مليون هكتار صالحة للزراعة، أي 18% من مجمل الأراضي الزراعية في سورية، مما جعل منها قوة اقتصادية متكاملة.
لكنها قد فقدت دورها بشكل تدريجي بسبب التدمير الذي طال بنيتها التحتية، وهرب أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين تحت نير الضرائب والأتاوات المفروضة. أما اليوم، يُعد إعادة إعمارها – لاسيما مناطقها الصناعية – أولوية ملحة، مع توفير الدعم اللوجستي والغطاء القانوني التشريعي، فبغير ذلك لا يمكن إحياء اقتصادها. من دون الخطوات المذكورة، لا يمكن لها أن تعود المحرك الرئيسي لتعزيز الناتج المحلي، ودعم الصادرات، والعودة لمكانها الطبيعي.
في الختام، يجب الاهتمام بمدينة حلب والنهوض باقتصادها، فإذا نهضت، نهضت سوريا.
اقرأ أيضاً: وجهات سياحية في حلب تجذب السياح الأجانب