تعد الجزرية من أشهر حلويات الساحل السوري، تتميز بنكهتها الفريدة ومذاقها الحلو الذي يذوب في الفم. يتم تحضير هذه الحلوى الشهيرة بمكونات بسيطة ولكنها لذيذة وغنية، مثل الجزر المبشور والسكر والزبدة وقليل من الهيل أو القرفة لإضفاء نكهة مميزة. ويتم إعدادها عادة في المناسبات والأعياد. يتم تقديمها كرمز للكرم والضيافة. بفضل حلاوتها الخفيفة ورائحتها الجميلة، أصبحت الجزرية حلوى محبوبة لا غنى عنها على المائدة الساحلية، مما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من الأكل التراثي للمنطقة.
تاريخ صنع الجزرية
تعتبر الجزرية من أبرز الحلويات التقليدية التي تشتهر بها محافظة اللاذقية، ومن أشهر حلويات الساحل عموماً التي تعود صناعتها لمئات السنين ويقال أن أصلها من مدينة مرسين التركية، وقد حافظت هذه الأصناف على مكانتها المميزة لعقود من الزمن. ورغم التقدم الكبير في صناعة هذه الحلويات من حيث المواد المستخدمة وأدوات التحضير، إلا أنها تبقى مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأهالي اللاذقية، حتى في المدن الساحلية المجاورة.
تشكل الجزرية جزءاً لا يتجزأ من مائدة اللاذقية، وتوجد في كل بيت، وخاصة في الأعياد والمناسبات الاجتماعية وشهر رمضان المبارك. كما أصبحت هدية مفضلة للمسافرين إلى المحافظة أو زوار مختلف المحافظات السورية والدول العربية والأجنبية، إلى جانب الحلويات اللاذقية الأخرى كمربى اليقطين والكنافة السميكة بالجبن.
في الماضي، كانت الجزرية تُصنع من القرع الأحمر الصغير، واستمرت هذه الصناعة لسنوات طويلة قبل أن تتراجع زراعتها ويحل محلها القرع الأبيض الكبير. ولكن لأنه لم يكن يوفر النكهة واللون المطلوبين، تم استبداله بالجزر، الذي أصبح المكون الرئيسي لهذه الحلوى، والتي اشتقت منه اسمها. لقد حافظت الجزرية على شعبيتها على مر السنين وتطورت لتشمل أنواع جديدة تلبي الأذواق والاحتياجات المختلفة، مثل الجزرية منخفضة السكر المصممة تحديداً لمرضى السكر أو أولئك الذين يتبعون نظام غذائي صحي. وبذلك تبقى الجزرية رمزاً لتراث اللاذقية الأصيل وشاهداً على إبداع سكان المدينة في الحفاظ على تقاليدهم المطبخية ومواكبة العصر وتقدمه.
اقرأ أيضاً: الطعام الشعبي والتراث السوري
طريقة صناعة الجزرية في الساحل
يتم سلق الجزر لمدة ساعة كاملة حتى ينضج. ثم يعصر جيداً ويوضع داخل كيس من الخيش للتخلص من الماء الزائد. يوضع الكيس تحت مكبس خشبي ويستخدم فوقه حجر ثقيل لاستخراج أكبر قدر ممكن من السائل. ثم تحدد الكمية المناسبة من السكر. لكل كيلوغرام من الجزر نضيف نصف كيلوغرام من السكر.
نضع السكر في قدر على النار مع القليل من الماء حتى يذوب ويبدأ بالغليان. ثم نضيف الجزر المهروس ونتركه على نار هادئة لمدة ساعتين مع التحريك المستمر. عندما ينضج الخليط تقريباً، نضيف قليلاً من القرفة لتعزيز النكهة.
بعد إطفاء النار، نسكب الخليط السميك في وعاء ألومنيوم مدهون بالقليل من الزيت ونتركه حتى يبرد بالكامل. الآن أصبحت الجزرية جاهزة للتقطيع إلى مربعات أو أشكال ماسية، ثم تزيينها بالمكسرات المحمصة مثل الجوز أو الفستق، حسب المتوفر في المنزل، لتكوين حلوى لذيذة لها نكهة تقليدية لا تقاوم.
اقرأ أيضاً: أشهر الحلويات الرمضانية في سوريا.. تنوع وأصالة
الحلويات المشابهة للجزرية في الإقليم
وهناك أكلات مشابهه للجزرية في الإقليم وتحمل ذات الاسم، فهناك الجزرية التركية وهي عبارة عن حلوى شبه هلامية تصنع من الجزر بالكراميل وجوز الهند المبشور والجوز المحمص أو البندق أو الفستق وتقطع على شكل رقائق مستطيلة.
وفي لبنان وتحديداً في مدينة صيدا الجنوبية، تسمى “حلاوة النص” المعروفة أيضاً بـ “الجزرية”، ارتبط اسمها بالجزر، فهي تصنع في الواقع من اليقطين، ويرجع سبب تسميتها إلى لونها البرتقالي المشابه للون الجزر. يقبل عليها أبناء صيدا في النصف الثاني من شهر شعبان. ويشترونها ويتناولونها في منازلهم، كما يقدمونها ضيافة للزوار أو هدية لأحبائهم.
ختاماً، الجزرية من أشهر حلويات الساحل، تجمع بين الأصالة والذوق الرفيع. هذه الحلوى ليست مجرد طعام، بل هي قطعة من التراث تحكي قصة أجيال.
اقرأ أيضاً: مبيعات الحلويات في سوريا قبل العيد تنخفض 80% مقارنة بالمواسم السابقة