كشفت شركة كهرباء دمشق، عن تنظيم أكثر من 650 ضبطاً منذ بداية عام 2025، بعد رصد كميات من الكهرباء المسروقة تجاوزت 100 ألف كيلو واط ساعي، وذلك في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة مع دخول فصل الصيف.
وتأتي هذه الإجراءات ضمن جهود وزارة الكهرباء المستمرة لمكافحة الاستجرار غير المشروع للطاقة، والتجاوزات على الشبكة الكهربائية، والتي تشهد ازدياداً خلال موسم الذروة الصيفية نتيجة الحاجة المتزايدة لاستخدام الطاقة للتعامل مع الظروف الجوية، مما ينعكس سلباً على الكفاءة الشبكة ويزيد تكاليف الإنتاج.
وأكد مدير عام شركة كهرباء دمشق، المهندس حسام الدين المحمود، استمرار الحملة الهادفة إلى إزالة التعديات على الشبكة الكهربائية، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين، بهدف حماية الموارد الكهربائية وضمان التوزيع العادل على مختلف المناطق.
وأشار إلى أن أي تحسن دائم في واقع الكهرباء يرتبط بتوفير مادتي الفيول والغاز اللازمتين لتشغيل محطات التوليد، وهو ما تبذل الوزارة جهوداً كبيرة لتحقيقه في الوقت الحالي.
وزارة الكهرباء وخطة إصلاحية جديدة
أوضح المحمود، أن الشركة تواصل تنفيذ مشاريعها الهادفة إلى تحسين حالة الشبكة الكهربائية، وإعادة توزيعها، ورفع قدرتها الاستيعابية، وذلك في إطار خطة إصلاحية لإحداث تحسن ملموس في تقنين التغذية الكهربائية وتعزيز استقرار الخدمة.
وأكد أن أعمال الصيانة والتطوير شملت محطة تحويل الجامعة 66/20 كيلو فولط، بالإضافة إلى رفع الاستطاعة في عدد من مراكز التحويل بمناطق المزة ودمر، ومساكن برزة، وركن الدين والزاهرة، بما يعادل 12 ألف كيلو فولط أمبير، بهدف تخفيف الضغط على الشبكة وتقليل الأعطال الناتجة عن الحمولات الزائدة.
وأشار المحمود في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية،، إلى أن الورشات الفنية تعمل على مدار الساعة لضمان استمرارية عمليات الصيانة وتحسين الشبكة الكهربائية، ضمن برنامج تقنين يراعي المتغيرات التي تطرأ على مستويات الإنتاج والاستهلاك.
ولفت إلى أنه يتم حالياً تطبيق نظام انقطاع لخمس ساعات مقابل ساعة ونصف من التغذية الكهربائية، مع تخصيص خمس ساعات يومياً للقطاعات الحكومية والخدمية، خاصة خلال فترات ضخ المياه، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسة المياه.
وأكد أن جهوداً إضافية تبذل لتأهيل الشبكات الكهربائية واستبدال الكابلات التالفة والمهترئة الناتجة عن التقادم والحمولات الزائدة، بهدف تعزيز كفاءة ومرونة الشبكة الكهربائية قبل موسم الذروة في فصل الصيف.
اقرأ أيضاً: سرقة الكابلات الكهربائية: تحدٍ أمني واقتصادي يفاقم أزمة الكهرباء في سوريا
خسائر قطاع الكهرباء في سوريا
يعد قطاع الكهرباء في سوريا من أكثر القطاعات تضررًا خلال السنوات الماضية، نتيجة تعرض البنية التحتية الخاصة بالطاقة لأضرار كبيرة جراء الحرب التي تواصلت لأكثر من 14 عامًا، والتي شملت محطات التوليد وشبكات نقل وتوزيع الطاقة، ما أدى إلى خروج عدد منها عن الخدمة بشكل كامل أو جزئي.
كما ساهم الإهمال الممنهج وتوقف الصيانة الدورية خلال هذه الفترة في تفاقم الوضع، إضافة إلى الصعوبات الكبيرة في تأمین قطع الغیار والتمویل اللازمين لإعادة التأهيل، بسبب الحصار العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على البلاد .
وقد كانت القدرة الإنتاجية للكهرباء قبل عام 2011 تصل إلى نحو 9 آلاف ميغاواط، لكن الأحداث اللاحقة أدت إلى تدمير العديد من محطات التوليد وخطوط نقل الكهرباء، مما أثّر بشكل كبير في استقرار الشبكة الوطنية، وتسبب في تخفيض ساعات التشغيل والانتاج.
ووفقاً لعدد من التقارير، فإن إجمالي خسائر قطاع الكهرباء في سوريا، بلغت حوالي 120 مليار دولار حتى بداية عام 2025، مع تضرر 15 محطة لتوليد الكهرباء بشكل كلي، وخروج 10 محطات أخرى عن الخدمة جزئياً.
أما بالنسبة للوضع الحالي، فيواجه القطاع إن تحديات جسيمة، رغم وجود جهود متواصلة لإصلاح الأعطال وتحسين الأداء، إذ لا تتجاوز القدرة الانتاجية حالياً 1300 میغاواط، بینما يبلغ حجم الحاجة الفعلية نحو 6500 میغاواط لسد احتياجات المواطنين والقطاعات الخدمية والصناعية، مما يعكس الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب على الكهرباء.
اقرأ أيضاً: وزير الكهرباء: ساعات التغذية الكهربائية سترتفع حتى 10 ساعات قريباً
أبرز محطات الكهرباء في سوريا
تعتبر محطات توليد الكهرباء من من أهم مكونات البنية التحتية للطاقة في سوريا، وكانت قبل الأزمة واحدة من مصادر الدعم الأساسي لاستقرار الشبكة الوطنية.
ومع بدء الحرب التي استمرت لسنوات، تعرضت أغلب هذه المحطات لأضرار بالغة أو خرجت عن الخدمة بشكل كامل، مما ساهم في انهيار قدرة النظام الكهربائي على تلبية احتياجات المواطنين والقطاعات الحيوية.
ومن بين هذه المحطات، محطة حلب الحرارية التي تقع في شمال سوريا، وتعد واحدة من أكبر المصادر لتوليد الطاقة في البلاد، وتلعب دوراً كبيراً في تزويد المنطقة الشمالية بالكهرباء، لكنها خرجت عن الخدمة في عام 2015، بعد تعرضها لأعمال عنف ودمار كبير، خلال الاشتباكات التي شهدتها المحافظة.
بالإضافة إلى محطة زيزون في محافظة إدلب، والتي كانت تسهم في تغذية المنطقة الغربية بالطاقة، لكنها دمرت بالكامل في عام 2016، مما زاد من تعقيد الوضع الكهربائي في تلك المناطق.
وفي المنطقة الشرقية، توجد محطة التيم في محافظة دير الزور، وهي من المحطات الاستراتيجية المسؤولة عن تزويد المنطقة الشرقية للبلاد بالطاقة، وقد توقفت عن العمل بعد تعرضها لأضرار كبيرة في عام 2017.
أما محطة محردة القريبة من مدينة حماة، فقد كانت مصدرًا رئيسًا لتزويد المنطقة الوسطى بالكهرباء، وعلى الرغم من تعرضها للأضرار كبيرة خلال المعارك، إلا أنها ما تزال تعمل حتى الآن بسعة محدودة، وهو ما يعد مؤشراً على مرونتها النسبية مقارنة بغيرها.
كذلك الحال بالنسبة لمحطة الزارة الواقعة أيضًا في محيط حماة، حيث كانت تلعب دوراً مهماً في تغذية المنطقة الوسطى والمناطق المحيطة بها، وعلى الرغم من التدمير الذي طالها، إلا أنها لاتزال تعمل ضمن طاقة منخفضة، ما يعكس بعض الجهد المتواصل لإعادة تأهيل البنية التحتية الكهربائية.
في الختام، بينما تواصل شركة كهرباء دمشق جهودها في مكافحة التعديات وتنظيم الضبوطات، وتواجه تحديات استنزاف البنية التحتية المتهالكة، هل نشهد في القريب العاجل تحسن ملموس في واقع الكهرباء، أم أن التقنين والانقطاعات ستظل مرافقة للواقع السوري؟