شهدت العاصمة السورية دمشق مؤخراً اطلاق منصة “هدهد”، أول منصة رقمية متخصصة بالكامل في تصدير المنتجات المحلية إلى الأسواق العالمية.
وتهدف هذه المنصة التي كشف عنها وزير الاتصالات وتقانة المعلومات، المهندس عبد السلام هيكل، في فعاليات مؤتمر “نهضة تك”، إلى تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، المزارعين، والحرفيين، من تجاوز العوائق التقليدية والوصول المباشر إلى أسواق جديدة، وذلك من خلال توفير واجهة إلكترونية موحدة تسهل عمليات التسويق والبيع، وتفتح آفاق تصديرية واسعة للمنتج السوري وتعزز حضوره في الأسواق الدولية.
والجدير بذكره، أن فعاليات مؤتمر “نهضة تك”، أقيم مؤخرًا في دمشق بتنظيم من الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية وبالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، واستمر لمدة يومين بمشاركة نحو 500 شخص وقدم برامج تدريبية ومعسكرات لرواد الأعمال في مجالات تقنية متنوعة، منصة مهمة لجمع الخبراء والشركات الناشئة لدفع مسيرة التطور التقني في البلاد.
ما هي منصة “هدهد”؟
تمثل منصة “هدهد” أول بوابة رقمية سورية متخصصة في تصدير المنتجات والخدمات المحلية إلى الأسواق العالمية، بهدف تعزيز الحضور الرقمي للمنتج السوري ودعم الاقتصاد الوطني من خلال تسهيل عمليات التصدير.
وتسعى المنصة لربط المنتجين المحليين، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة والمزارعين والحرفيين، بالمستوردين في الخارج، وتوفر لهم واجهة إلكترونية موحدة لعرض منتجاتهم بطريقة احترافية، مما يساهم في تمكينهم من الوصول إلى أسواق جديدة وتقليل التكاليف وتعزيز القدرة التنافسية للمنتج المحلي، مع خطط مستقبلية للتوسع عالمياً كما أكد الوزير هيكل.
اقرأ أيضاً: مع انطلاق مؤتمر الذكاء الاصطناعي بدمشق.. تحديات كبيرة وفرص واعد
تفاؤل بالفرصة.. وواقعية في التعامل مع التحديات
لاقى إطلاق منصة “هدهد” ترحيبًا واسعًا من قبل الخبراء الاقتصاديين والتكنولوجيين، الذين اعتبروها فرصة مهمة لتحديث آليات التصدير في سوريا وتوفير أداة تسويقية حديثة تسهل وصول المنتجات المحلية إلى الأسواق العالمية وتمكن المنتجين من الوصول إلى معلومات الأسواق والدعم المتاح بكل شفافية ودقة.
ومع ذلك، أكد الخبراء أن النجاح الكامل للمنصة مرهون بتعزيز القاعدة الإنتاجية والبنية التحتية المتطورة للقطاعين الزراعي والصناعي، ورفع كفاءتها لتلبية متطلبات الأسواق العالمية.
ومن منظور تكنولوجي، رأى متخصصون أن المشاريع الرقمية مثل “هدهد” تمثل خطوة إيجابية مهمة نحو تحديث الاقتصاد وتوفير أدوات تسويقية عصرية، وأنها لا تحتاج بالضرورة إلى بنية تحتية تقليدية ضخمة بقدر حاجتها إلى توفر خدمات أساسية عالية الجودة مثل الإنترنت عالي السرعة وأنظمة الدفع وتحويل الأموال الآمنة والفعالة، وتوقعوا أن تكون سهلة الاستخدام لمختلف شرائح المنتجين، مما يتيح لأي منتج محلي عرض بضاعته لتتولى المنصة مهام التسويق والتوزيع.
جهود مستمرة لتعزيز البنية الرقمية الوطنية
تزامنت عملية الإطلاق مع تطورات جديدة في البنية الرقمية السورية، تنفذها وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات لدعم التحول الرقمي، أبرزها العمل على نشر الجيل الخامس (5G) والتوجه نحو دمج الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الأسواق العالمية، مما يساعد المصدرين السوريين على اتخاذ قرارات تسويقية أكثر مرونة وفعالية.
إلى جانب ذلك، توفير باقات إنترنت بأسعار مدعومة وتحسين الخدمات اللوجستية الأساسية مثل خدمات البريد والشحن، والتي تعتبر عنصراً حيوياً لضمان إتمام عمليات التصدير المرتبطة بأنشطة المنصة بنجاح وكفاءة.
اقرأ أيضاً: الأمن السيبراني في سوريا.. تحديات كبيرة في أبرز القطاعات الحيوية
بين الطموح والواقع!
على الرغم من التفاؤل الكبير الذي شكله إطلاق أول منصة تصدير رقمية سورية، تواجه “هدهد” مجموعة من التحديات الواقعية التي تشمل ضعف البنية التحتية الرقمية في بعض المناطق، والحاجة إلى رفع مستوى الوعي والخبرة التقنية لدى شريحة من المنتجين الصغار والحرفيين، بالإضافة إلى ضرورة رفع القيود المتعلقة بالتحويلات البنكية الخارجية والإجراءات الجمركية في بعض الأسواق المستوردة، وهي تحديات تؤكد وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات عزمها على معالجتها من خلال برامج تدريبية وورش عمل مكثفة وتسهيلات لوجستية وتقنية، مع توقع وجود دور محوري للقطاع الخاص في توفير الحلول الداعمة للمنصة، سواء من خلال توفير بوابات دفع إلكترونية متوافقة، أو المساهمة في تمويل المشاريع الريادية المرتبطة بالتصدير الرقمي، أو تنظيم معارض افتراضية مبتكرة تعزز من حضور المنتج السوري خارجيًا.
وفيما يخص الرؤية المستقبلية، تتطلع وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات من خلال خطة خمسية إلى تطوير المنصة لتصبح مركز تصدير رقمي إقليمي يربط سوريا بأسواق آسيا وأفريقيا، وتسعى لإدراجها ضمن برامج الدعم الدولية للتجارة الرقمية، مما يعزز مكانة سوريا في البيئة الاقتصادية العالمية وفتح آفاق أوسع أمام صادراتها.
ويمثل هذا الإطلاق، بالتوازي مع تبني تقنيات الجيل الخامس، خطوة استراتيجية نحو تجاوز التحديات الاقتصادية وبناء اقتصاد وطني أكثر انفتاحًا ومرونة رقمية، وقدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية والاستفادة الكاملة من الإمكانيات التي يوفرها التحول الرقمي.