لعل أبرز ما نلاحظه في التعيينات الجديدة أنها تستهدف وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فلا مكان إلا للتخصص والمهارات، وبالرغم من قلة التمثيل النسائي في المناصب الكبيرة، إلا أن المرأة حاضرة في كافة المناصب الأُخرى وتعيين سمة محمد عبد ربه كمستشارة أولى لوزير الاقتصاد في مجال الحوكمة والعلاقات العامة خير مثال على ذلك، لكن من هي هذه المستشارة؟
ولدت سمة محمد عبد ربه في دمشق عام 1976، ودرست علم الآثار في جامعة دمشق، لكن يبدو أن الشغف أخذها نحو مكان آخر، إذ سافرت إلى مدينة ليون الفرنسية ودرست علم الأدب والترجمة في جامعة لوميير وتخرجت بشهادة الدبلوم منه، لتتجه بعدها إلى لندن وتدرس ماجستير دبلوماسية عالية – SOAS في جامعة لندن، وبعدها شقت طريقها في عالم الترجمة، إذ يمكن لأي قارئ أن يلاحظ وجود اسمها على العديد من الروايات غير الخيالية مثل كتاب “الفوقية الإمبريالية الأمريكية…لماذا يخسر الغرب الحرب على الإرهاب” للمحلل الأمني في وكالة المخابرات الأمريكية مايكل شوبر، أما قارئي روايات دان براون لا بد أن لاحظو ترجمتها للكتاب الشهير شيفرة دافنشي.
كما عملت سمة في الترجمة لعدة لغات كالعربية، الإنكليزية، الفرنسية، لصالح منظمات دولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، واستكمالاً لمسيرتها المهنية المميزة عملت سمة محمد عبد ربه كمستشارة للأمانة العامة لمجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال المعرفة والابتكار الحكومي، وأُلحقت بمكتب رئيس الوزراء الشيخ راشد بن محمد آل مكتوم عام 2010، كما قادت المؤسسة التابعة له بكل نجاح، لكن عملها كناشطة سياسية وعملها في المجتمع المدني السوري عقب اندلاع الثورة السورية أوقفها عن عملها السابق. لكن غيابها عن منصبها بدولة الإمارات لم يطل كثيراً إذ عادت له عام 2015.
شغلت سمة محمد عبد ربه العديد من المناصب الأُخرى، وقادت العديد من المبادرات، إذ كانت شريك أساسي في شركة Kearny الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومديرة لشركة Global Learning FZ-LLC، في حين قادت مبادرات تحسين الخدمات الحكومية كصياغة السياسات وتأسيس كيانات حكومية جديدة، وعملت كمستشارة استراتيجية في التنمية الاقتصادية والدفاع الحكومي في دبي، أما في التعليم فقد حاولت تطوير حلول التعليم الإلكتروني ومشاريع التعلم الذكي لعدد من وزارات التربية في العالم العربي.
تتقن عبد ربه العديد من اللغات كالإنكليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، التركية واليابانية، لذا تعد من الشخصيات المميزة والمتعددة المواهب والمهارات.
اقرأ أيضاً: تعيين أحمد سفيان بيرم مسؤول عن الابتكار والشركات الناشئة، لكن من هو بيرم؟
سمة محمد عبد ربه والحراك السياسي السوري
منذ اندلاع الثورة في سورية اتخذت سمة محمد عبد ربه توجهها السياسي وانضمت إلى شبكة المعارضة السورية في الإمارات العربية المتحدة، وتوجهت نحو العمل مع المؤسسات والمنظمات الدولية الداعمة للمجتمع المدني، وفي عام 2013 انضمت إلى مبادرة المجتمع المدني تحت عنوان “شبكة الديموقراطيين في العالم العربي” بالتعاون مع الشركاء الدوليين للمعهد الجمهوري الدولي في واشنطن.
أسست عبد ربه دائرة من خبراء الشرق الأوسط وجمعتهم في نادي أطلقت عليه اسم نادي “سياسة بغداد”، بينما كان لعبد ربه وجهة نظر داعمة لحقوق المرأة العربية وتفعيل دورها في الثورات التي شهدها العالم العربي، إذ أثنت على دور المرأة في اليمن، مصر، سوريا، بالإضافة إلى مناشدة الأمم المتحدة لتفعيل دورها في مفاوضات وقف إطلاق النار.
امتداداً لأعمالها السابقة شغلت عبد ربه منصب عضو مجلس الميثاق السوري، ما يميز هذه الهيئة أو المبادرة المدنية هو جمعها لكافة العشائر والطوائف والمكونات السورية، حتى تلك التي كانت تحت سيطرة النظام السوري، واتخذت من مبدأ التعايش بين القادة الاجتماعيين في كافة الأراضي السورية قواعد سلوكية لها، كما شاركت في حوار الأديان المسلمين ووقفت معهم لنبذ الكراهية وتوقيع إعلان التضامن ضد كراهية الأجانب، ومعاداة السامية، كما أحيت الذكرى الدولية للهولوكوست عام 2020.
في النهاية سوريا بحاجة لكافة كوادرها المتمكنة من المهارات والخبرات لتوظيف خبراتها وإمكانياتها في نهضة البلد، وإعادة الشخصيات السورية المتعلمة لبلدها والاستفادة من خبراتها.
اقرأ أيضاً: مع انطلاق مؤتمر الذكاء الاصطناعي بدمشق.. تحديات كبيرة وفرص واعدة