بعد أكثر من أربعة أشهر على سقوط نظام الأسد في سوريا، لا تزال الحكومة تعمل على تأمين شحنات إضافية من المشتقات النفطية لمعالجة أزمة الطاقة الحادة التي تعاني منها البلاد، غيّر أن الخيارات أمامها تظل محدودة في ظل العقوبات الأميريكية التي تطال أكثر القطاعات حيوية، ما يمنع الدول من المخاطرة بإبرام اتفاقيات مع الإدارة الجديدة؛ فكيف تحصل دمشق على النفط حالياً؟
خلال الأشهر الماضية، وصل إلى ميناء بانياس شحنات من النفط الخام، إلا أن وزارة النفط السورية أكدت أن تلك الشحنات لم تكن من دولة معيّنة، وقال مدير العلاقات العامة في الوزارة أحمد سليمان: نحن لا نتعامل مع دول، والنفط القادم إلى سوريا عن طريق شركات، بعضها كان يحمل علم أذربيجان. نحن نتعامل مع شركات رسَت عليها المناقصات، وهي من تورِّد النفط والمشتقات النفطية إلى سوريا”.
وربما تكون تصريحات المسؤول السوري متماشية مع المخاوف الدولية من إبرام اتفاقيات رسمية لتوريد المشتقات النفطية إلى سوريا خوفاً من العقوبات الأميريكية المستمرة، لكن تلك التصريحات تكشف طبيعة التحركات الرسمية لتأمين مصادر الطاقة بطرق بديلة وذلك عبر المناقصات الدولية التي يتم الإعلان عنها من حكومة دمشق.
أول شحنة نفط إلى سوريا
في آذار الماضي، وصلت أول ناقلة نفط تحمل كميات كبيرة من النفط الخام إلى الساحل السوري، حيث فرّغت ناقلة “أكواتيكا – Aquatica” كامل حمولتها البالغة نحو 700 ألف برميل في مصفاة بانياس، ساهمت بعودة إقلاع عمل المصفاة مجدداً.
وقبل هذه الناقلة وصلت إلى السواحل السورية مجموعة من الناقلات التي تحمل كميات صغيرة من النفط الخام، لكنها لم تكن كافية لسد احتياجات البلاد الأساسية من الطاقة.
وخلال شهر آذار أعلنت الحكومة السورية الجديدة، عن مناقصة نفطية ضخمة لتوريد 7 ملايين برميل من النفط الخام إلى مصفاة بانياس على 3 مراحل، تمتد حتى 20 حزيران المقبل.
اقرأ أيضاً: الغاز السوري.. هل تنجح الحكومة الجديدة بعملية الإنعاش؟
التوريد يبدأ خلال أيام
كشفت منصة الطاقة التي تتخذ من واشنطن مقرّاً لها، أن سوريا بصدد استقبال شحنة نفط روسي جديدة، ضمن سلسلة إمدادات متتالية تهدف إلى تعزيز قدرات البلاد في إنتاج الوقود.
وبحسب المنصة فإن الشحنة يبلغ حجمها مليون برميل من النفط الخام، ومن المقرر أن تصل خلال أسبوع، وهي جزء من المناقصة التي طرحتها وزارة النفط السورية -قبيل الدمج مع وزارة الكهرباء- مؤخراً لاستيراد 7 ملايين برميل من الخام.
ومن شأن هذه الواردات أن تكون رافداً أساسياً لمصفاة بانياس من أجل إنتاج المشتقات النفطية وتزويد السوق المحلية بها، وذلك بعد أشهر من توقف العمل في المصفاة نتيجة انقطاع الإمدادات الإيرانية منذ كانون الأول الماضي.
النفط عن طريق قسد
لم تكن المناقصات الدولية هي الطريقة الوحيدة لحصول سوريا على المشتقات النفطية، حيث كشف المتحدث باسم وزارة النفط السورية أحمد السليمان في شباط الماضي لوكالة رويترز – Reuters، أن المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية في شمال شرق سوريا، بدأت بتوريد النفط من الحقول المحلية التي تديرها إلى الحكومة المركزية في دمشق.
وبحسب رويترز، كانت تلك الواردات هي أول عملية تسليم معروفة من شمال شرق سوريا الغني بالنفط إلى الحكومة الجديدة التي تولت السلطة بعد الإطاحة بنظام الأسد في كانون الأول الماضي.
ولم تكشف الحكومة السورية في تلك الفترة المزيد من التفاصيل حول كمية النفط المورد أو أيّ بنود أخرى في الاتفاق.
وفي آذار الماضي وقّعت الإدارة السورية الجديدة وقوات سوريا الديموقراطية اتفاقاً يقضي بدمج “قسد” في الدولة السورية، ونصّ الاتفاق على إعادة سلطة الحكومة السورية على حقول النفط والغاز شرق الفرات، إلا أن هذا البند لا يزال قيد التباحث بين الطرفين بشأن الأمور الفنية واللوجستية المتعلقة به.
ويعتبر تأمين النفط الخام مهمة شاقّة للحكومة السورية الجديدة إذا ما استمرت العقوبات الأميركية على قطاع الطاقة، إلا أن التخفيف الجزئي للعقوبات الأوروبية، واكتمال الاتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديموقراطية، يمكن أن يساهم في حلّ أزمة المشتقات النفطية في سوريا، بانتظار رفع العقوبات الغربية بشكلٍ كامل لإنعاش قطاع الطاقة بشكل كامل في البلاد.
اقرأ أيضاً: النفط السوري ينتظر الإنعاش والاستثمار!