في خطوة تعكس إرادة التغيير، اجتمع أكثر من مئتين وخمسين مدرباً سورياً تحت مظلة “رابطة المدربين السوريين“، كصرحٍ ينبض بالأمل بعد سنوات من الظلم والتهميش. هذا التجمع يمكن أن يؤسس لنواة تجمّع يقف بحزم مع تغيير نظام فاسد حكم الرياضة السورية، وأنزلها إلى حضيض الرياضة الدولية والعربية أيضاً.
لم تكن المعاناة تقتصر على الحرمان من التطوير المهني، بل امتدت إلى انتهاك أبسط الحقوق. مدربون ظلوا سنوات دون رواتب، وآخرون عانوا من الإهمال الصحي، بينما تحولت عقودهم إلى أوراق لا قيمة لها في أدراج اتحادٍ كان يوزع المناصب كالمكافآت الشخصية.
يقف الكابتن طارق شويخ، ليحكي قصة المعاناة التي عاشها هو وزملاؤه. سنواتٌ من الإقصاء المتعمد، حيث كانت الكفاءة تُدفن تحت ركام الرشاوى والمحسوبيات. فالدورات التدريبية الآسيوية، التي يفترض أن تكون حقاً للجميع، تحولت إلى بضاعة تباع وتشترى، بينما ظل المدربون الحقيقيون خارج الساحة، يشاهدون من بعيد كيف تسرق أحلامهم في مستنقع الفساد الذي كانت سورية تغرق فيه من كل النواحي.
كيف ولدت فكرة رابطة المدربين السوريين!
في هذا المناخ القاتم، ولدت فكرة الرابطة كشعلة أمل. فبعد حوارات مطولة بين شويخ وزميله المدرب محمود سعودي، قررا تحويل الألم إلى فعل. لم يكن الهدف مجرد تأسيس كيان، بل بناء حصنٍ يحمي كرامة المدربين ويضمن حقوقهم. رؤيةٌ تذهب أبعد من المطالب المادية، إلى إعادة الاعتبار لدور المدرب كحجر أساس في اللعبة، وكمعلمٍ ومربٍ قبل أن يكون تقنياً.
التحديات لا تبدو سهلة. فذاكرة الكرة السورية لا تزال تحمل جراحاً عميقة، مثل رحيل مدرب حراس المرمى خالد الشيخ في ظروف مأساوية أثناء مباراة، أو معاناة نجوم سابقين مثل جوزيف شهرستان الذي تحول من الشهرة إلى التشرد. قصصٌ تكشف الوجه القاسي لنظام أهمل رموز اللعبة.
اقرأ أيضاً: بين نظام قديم وآخر جديد: ما الذي يحتاجه المنتخب السوري لتحقيق آماله!
لكن الرابطة تمضي قدماً بخطى ثابتة. فبعد الحصول على الاعتراف الرسمي، تبدأ مرحلة بناء الهيكل التنظيمي، من مكاتب متخصصة في الشؤون القانونية إلى لجان للرعاية الصحية والضمان الاجتماعي. كل ذلك بهدف واحد: أن لا يظل المدرب السوري وحيداً في مواجهة عاصفة الظلم.
هذه ليست مجرد رابطة، بل صحوة تستعيد من خلالها كرة القدم السورية كرامتها. فبعد سنوات من السكوت، ها هم المدربون يرفعون أصواتهم عالياً، ليعلنوا أن زمن الصمت قد ولى، وأن شمس العدالة ستشرق، ولو بعد حين.
دور وزارة الرياضة والشباب أمام هذه المبادرات الوطنية
سيكون من الأفضل أن تعمل وزارة الرياضة والشباب في سورية الجديدة على دعم هذه المبادرات وتطوير هذه الأفكار التي تساهم أولاً بإيجاد الأخطاء ودراستها، ثانياً إيجاد الحلول المناسبة لإصلاح هذه الأخطاء وضمان عدم تكرارها، ثالثاً المساهمة بمحاربة الفساد الإداري والمالي الذي سيساعد مستقبلاً على هدم أي جهود حقيقية تسعى إلى بناء الرياضة السورية من جديد وعلى أسس دولية وعالمية، أي أن الحل الجذري يجب أن يبدأ من الداخل قبل الالتفات إلى المشاكل الداخلية، بمعنى “ترتيب البيت المنزلي” مهما احتاجت عملية الترتيب هذه إلى وقت وبعدها السعي إلى إعادة الرياضة السورية إلى الساحة الدولية بصورة ممتازة.
اقرأ أيضاً: انطلاق الدورة الثالثة لـ سباق الخيول العربية الأصيلة باستضافة مدينة حماة السورية