حلم من أحلام السوريين التنقل بسهولة بين المناطق بعد الوقوف أحيانا لساعات بانتظار السيرفيس أو الباصات، عدا عن التفكير العميق في أجرة هذه التنقلات وحسابه ألف حساب كم يحتاج خلال الشهر مصروف مواصلات، إلا أن فكرة إحياء مشروع مترو دمشق من قبل وزير النقل يعرب بدر أحيا بدوره الأمل في قلوب المواطنين بتنقل أسهل وأوفر مالاً في مدينة الياسمين المزدحمة.
يربط مشروع مترو دمشق بحسب المعلومات عدة مناطق مزدحمة، يبدأ بمنطقة القابون التي ستكون محطة الانطلاق بدلاً من القدم مروراً بجامعة دمشق في المزة وصولاً إلى منطقة السومرية في ريف دمشق الغربي، وهو ما أطلق عليه الوزير الخط الأخضر، وأكد أيضاً أن هذا الخط سيكون متكامل مع خط الحجاز من خلال إنشاء أربع خطوط أُخرى.
وقال الوزير أن هذه الخطوط ستغطي كافة مناطق دمشق الحيوية وشرح كل خط من أين سيمر، إذ سيربط الخط الأول بين دمر وقدسيا، والخط الثاني سيربط المعضمية وقطنا، أما الخط الثالث يشمل المحور الجنوبي ويتجه نحو القدم والسبينة، بينما يمر الخط الرابع والأخير بمنطقة السيدة زينب ومنطقة المعارض الجديدة متجهاً إلى مطار دمشق الدولي.
محاولات دولية سابقة لإنشاء مترو دمشق
دخلت عدة دول في محاولة تنفيذ مشروع مترو دمشق إلا أنها باءت بالفشل إما لأسباب سياسية أو فنية ومالية، وكان آخر هذه المحاولات في أيلول عام 2024 بالشراكة بين النظام السوري السابق وإيران، إذ قام رئيس بلدية طهران علي رضا زكاني بزيارة دمشق وتوقيع اتفاقية “توأمة دمشق” لإنشاء خط قطار يصل بين العاصمتين دمشق وطهران، وخلال توقيع هذا الاتفاق أعلنت الحكومة السورية آنذاك عن إحياء المشروع.
وفي عام 2010 أعلنت فرنسا عبر وزيرة المالية في ذلك الحين كريستين لاغارد عن رصد 250 مليار يورو لإنشاء الخط الأخضر بالتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي الذي أعلن بدوره عن الاستثمار في المشروع بقيمة 300 مليون يورو، ويبلغ طول خط المترو 16.5 كيلومتر ويتكون من 17 محطة، ويخدم أكثر الأحياء اكتظاظاً بالسكان، وتبلغ سرعة المترو 30 كيلومتر بالساعة، على أن يتم ربط هذا الخط بالخط الأحمر الذي كان سينفذ لاحقاً، إلا أن المشروع توقف بسبب عدم صلاحية تربة دمشق لإنشاء السكك الحديدية بحسب الدراسة الفرنسية للمشروع.
لكن في الأصل تعود فكرة مشروع مترو دمشق إلى زمن الاتحاد السوفييتي عندما تم توقيع اتفاق بين الاتحاد وسوريا عام 1982 لإجراء دراسة شاملة حول مشروع مترو دمشق وتقدير الجدوى الاقتصادية والتمويلية للمشروع، إلا أنه لم تستكمل هذه الدراسة.
والجدير بالذكر أن هناك العديد من المشاريع الكبيرة المؤجلة في سوريا ومن ضمنها مترو دمشق، فمثلاً هناك تلفريك قاسيون، خط أنابيب قطر تركيا، ومشاريع خليجية أُخرى كمركز التسوق الضخم “خمس شامات” لشركة إماراتية، و”مدينة بنيان” للسياحة في جبل الشيخ، ومشروع “كيوان السياحي” لشركة كويتية، وقرية النخيل السياحية التابعة لشركة سعودية، وغيرها من المشاريع التي فشل تنفيذها.
اقرأ أيضاً: السيارات الكهربائية في طريقها إلى سوريا.. ما القصة؟
تحديات تنفيذ المشاريع الضخمة في سوريا
لعل أول جواب يخطر على بال أي سوري هو الوضع الامني والاقتصادي التي عانت منه سوريا خلال الحرب، بالرغم من أن الجواب صحيح إلا ان هذه الحرب جاءت بعد تقديم هذه المشاريع، وبالتالي فالسبب الحقيقي هو غياب دراسات جدوى حقيقية تتماشى مع الواقع السوري بحسب الخبير الاقتصادي يونس الكريم، فقد كانت الحكومات السورية السابقة تضع مبالغ ضخمة لهذه المشاريع دون وضوح آلية التنفيذ والتمويل والتحصيل خلال الاستخدام مما أدى إلى تأجيلها أو فشلها.
وسبب آخر يقف وراء توقف هذه المشاريع، وهو تضارب النفوذ بين أصحاب المصالح المرتبطين بالنظام السابق ساهم في تعطيل هذه المشاريع، بالإضافة إلى العوائق القانونية التي تخص تعويض السكان عن الأراضي المصادرة منهم.
أما الآن هناك تحديات كبيرة أمام الحكومة السورية لتنفيذ مثل هذه المشاريع في ظل اقتصاد مدمر، وأولها وجود دستور واضح دون وجود عراقيل فيه أمام المستثمرين، وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن وإعادة الإعمار.
اقرأ أيضاً: مجلس استشاري جديد … هل يكون مفتاح إصلاح النقل في سوريا؟