من رحم الحرب والمعاناة في سوريا وركام أنقاضها، ولد كورال (جوقة) «غاردينيا» النسائي وسطع كأحد أبرز وجوه المقاومة الثقافية، تحوّلت أغنياته عن الثورة والحرية إلى نوتات موسيقية تُحاكي الأمل، وتُجسّد قدرة المرأة السورية على النهوض عبر الفن.
تأسس كورال «غاردينيا» النسائي في عام 2016، في خضم الحرب، عبر مبادرة من مجموعة من النساء المؤمنات بدور الفن وقدرته علي نشر قيم السلام والتسامح، وإظهار قوة المرأة من خلال الموسيقى.
مع مرور الوقت، لم يقتصر دور الكورال على كونه مجموعة جوقة موسيقية فحسب، بل أصبح رمزاً للصوت النسائي الصادح بمعاني الحرية، والسلام والتعايش، والحاصد على عدة جوائز في فعاليات داخل سوريا وخارجها، نظير أدائه اللافت.
التعريف بغادة حرب
“غادة حرب” تخرجت في المعهد العالي للموسيقا بدمشق عام 1999، تابعت دراستها في الغناء الأوبرالي، مدة أربع سنوات على يد مغنية الأوبرا السورية آراكس شيكجيان. حالياً مُدرِّسة في المعهد العالي للموسيقا، ونشاطاتها مستمرة مع كورالي غاردينيا وتناغم، أسست حرب كورال غاردينيا عام 2016، بهدف نشر قيم المحبة والسلام والجمال، في المرحلة الصعبة التي مرّت بها البلاد آنذاك.
وكانت أولى الخطوات في الغناء الكلاسيكي، ثم قدّمت لاحقاً تجربةً مميزة تحت عنوان “ما أحلى أن نعيش في خير وسلام”، استعاد فيها شارات برامج الأطفال التي عاصرتها أجيالٌ من السوريين.
اقرأ أيضاً: دار الأوبرا السورية.. حاضنة الفنون
التعريف بكورال غاردينيا
تأسس في العام 2016 على يد المايسترو غادة حرب نافضاً عنه غبار الحرب، معلناً رغبة السوريين بإنشاد المحبة والسلام.
وقد قالت العضو المؤسس في الكورال سفانة بقلة في تصريح لها، إنهن منذ تأسيس الفريق الغنائي خضن مسيرة مليئة بالتحديات، وأضافت أن الفريق يضم 20 موسيقية من خلفيات مهنية متنوعة، جميعهن يمتلكن خبرة احترافية في الموسيقى، وأكدت أنهن مجموعة مستقلة، رسالتها كانت دائماً “جمع السوريين معاً، والدعوة إلى السلام، وإثبات أن العمل الجماعي أقوى من الفردي”.
واعتبرت بقلة أن تأسيس الكورال جاء هروباً من الحرب وحالة القمع التي عاشتها سوريا، وحول فترات القمع والخوف، أردفت بقلة: “كانت ساعات التدريب ملاذنا، لحظات نتنفس فيها بحرية ونبتعد عن كل السلبيات”، وأشارت إلى أن الكورال يولي أهمية خاصة بالحفاظ على التراث الثقافي والدفاع عن حقوق المرأة، مبينة أن سقوط النظام السابق “منحهن مساحة للتعبير عن الآلام التي عاشها السوريون على مدى سنوات”، وتابعت: “نستطيع الآن أن نقول ما نريد. غنينا أغان لم نكن نحلم بأن نغنيها سابقاً، واستدركت بكلمات مؤثرة: “الآن يمكننا أن نقدم رسالتنا الفنية بحرية، بدأنا نعيش حياة أكثر راحة على صعيد حرية التعبير”.
وقالت ميادة حميدان، إحدى الحاضرات في حفل الكورال في «بيت فارحي»، إن الأغنيات التي قدمها الفريق في الحفل كانت «مؤثرة جداً، وأكدت على أنه بعد الحرب “يستحق الشعب السوري أن يكون سعيد”.
وأوضحت أنه خلال الحرب « لم يكن الأطفال يسمعون سوى أصوات القنابل، أما الآن، يستحقون الاستماع إلى الموسيقى، كما أشارت إلى أن أغنيات فريق «غاردينيا» عن الثورة والتي قدمها خلال حفله في «بيت فرحي» ذكرتها بأصدقائها الذين فقدتهم خلال الحرب التي استمرت نحو 13عاماً، واستدركت: نأمل ألا يعيش أطفالنا مثل هذه المعاناة مرة أخرى.
كما أعربت بسمة فلاحة، عن سعادتها لتمكنها من الاستماع لأغنيات «غاردينيا» في حفل حي مباشر، وقالت: أنا سعيدة جدا لأنني أرى مثل هذه الفعاليات، وأشاهد عودة بلدي للنهوض من جديد، والأهم أن الناس باتوا يستطيعون التعبير عن آرائهم بحرية.
استطاع كورال «غاردينيا» النسائي السوري أن يحصد جائزتين في مسابقة كورال الشرق الأوسط لعام 2019 في دبي والجائزتان هما أفضل كورال في منطقة الشرق الأوسط وجائزة أفضل كورال نسائي مشارك.
وقالت مديرة كورال «غاردينيا» غادة حرب: كانت مشاركتنا فرصة لإيصال صوت الفن السوري أمام الفرق السبع المشاركة، وإثبات قدرة الفنانين السوريين على المنافسة والتميز، رغم كل الظروف الصعبة التي عشناها خلال السنوات الماضية.
اقرأ أيضاً: حفل انتصار وطن – دمشق
أبرز الحفلات
أهم الحفلات أقيمت في دمشق في دار الأوبرا وفي غالبية المحافظات السورية، كذلك أقيمت حفلات مع اليونيسكو في بيروت وفي الجامعة اليسوعية، وحفلات بدبي، وشارك الكورال بمهرجان كورالات الشرق الأوسط، ولاحظ الكورال حسب المايسترو غادة حرب، أنه في الدول العربية غالباً أحبوا برنامج الأصوات الكرتونية، لأن الدول العربية تتشارك بهذه البرامج الكرتونية مثل سنان وساندي بيل وريمي وغيره، فانجذبوا لهذه الأغاني، وأيضاً ألبوم زغاريد سورية التي اهتمت بأغاني التراث.
ختاماً، كورال غاردينيا الكورال النسائي الوحيد في سورية من ناحية القيادة والأعضاء وهذه إشارة على دور المرأة السورية الرائد في المجال الفني، وعامل مبشر بفضاء حرية فنية أكثر اتساعاً، إلى دور الكورال في نشر المحبة والسلام أينما حل.
اقرأ أيضاً: دار الأوبرا السورية.. حاضنة الفنون