في خطوة إيجابية تهدف إلى تعزيز التعافي الاقتصادي وتطوير البيئة الإنتاجية الوطنية، استضافت العاصمة السورية دمشق يوم الأربعاء الفائت، سلسلة معارض سوريا التخصصية 2025، في رحاب مدينة المعارض.
وكانت مجموعة طيارة للمعارض والمؤتمرات الدولية هي المنظمة للحدث بالتعاون مع وزارات الأشغال العامة والإسكان، الطاقة، الاقتصاد والصناعة، وجمعت تحت سقفٍ واحد أكثر من 500 شركة محلية وأجنبية تمثّل قطاعات حيوية مثل الصناعة والطاقة والتكنولوجيا.
افتُتِحت فعاليات هذه المعارض بحضور رسمي رفيع، تخلله وجود متكامل لوزارات تُعنى في هذا الشأن فقام كل من:
وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور نضال الشعار، والطاقة المهندس محمد البشير، والأشغال العامة والإسكان المهندس مصطفى عبد الرزاق، والسياحة السيد مازن الصالحاني، بإطلاق هذا الحدث الاقتصادي البارز، والهادف إلى إعادة ربط السوق السورية بالأسواق الإقليمية والدولية، وتوفير منصة حقيقية لتبادل الخبرات، وتعزيز بيئة الأعمال في سوريا، ودفع عجلة الإنتاج نحو مزيد من التقدم والتكامل.
شهدت المعارض، التي امتدت على مدى خمسة أيام واختتمت فعالياتها يوم أمس الأحد 11 أيار، مشاركة دبلوماسية مميزة، إذ حضرها عدد من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة في سوريا، إلى جانب مشاركة واسعة من رجال الأعمال والخبراء السوريين والدوليين.
وعند الافتتاح، أكد المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية، محمد حمزة، أن هذا الحدث يعدّ خطوة استثنائية في ظلّ المرحلة المفصلية التي تمر بها سوريا، مع دخولها مرحلة إعادة الإعمار وبناء الاقتصاد الوطني من جديد، لافتاً إلى أن حجم المشاركة الواسع من الشركات المحلية والدولية يعكس اهتماماً متنامياً من المستثمرين بالسوق السورية.
كما كشف عن خطة مستقبلية لتوسيع مدينة المعارض الحالية في دمشق، والعمل على إنشاء مدن معارض جديدة في عدد من المحافظات، بهدف استيعاب القطاعات والاختصاصات التي لم تتمكن من إيجاد مساحة كافية ضمن المعرض الحالي.
اقرأ أيضاً: مع انطلاق مؤتمر الذكاء الاصطناعي بدمشق.. تحديات كبيرة وفرص واعدة
معارض سوريا التخصصية 2025
وعلى مساحة واسعة بلغت 30 ألف متر مربع انطلقت سلسلة معارض سوريا التخصصية 2025، وضمت ثلاثة معارض مهمة:
المعرض السوري الدولي الحادي عشر للبناء والتشييد والبنى التحتية “TEGHNO BUILD”، معرض سوريا الصناعي الدولي الحادي عشر للآلات الصناعية والتعبئة والتغليف والبلاستيك “SINEX”، والمعرض السوري الدولي العاشر للطاقة والكهرباء والأتمتة الصناعية “SYRIA ENERGY”.
واستقطب معرض “سيريا إنرجي”، المقام تحت رعاية وزارة الطاقة والثروة المعدنية، أكثر من 200 شركة عارضة من 30 دولة، وجمع نخبة من الشركات العالمية والمحلية المتخصصة في إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة، مسلطاً الضوء على أحدث ما توصلت إليه تقنيات الطاقة المتجددة وغير المتجددة.
وتميّز هذا المعرض بمنصات عرض متطورة استعرضت حلولاً متقدمة في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إضافةً إلى الابتكارات الذكية في مجال شبكات التوزيع، كما فتح المجال لتبادل الأفكار والخبرات من خلال تنظيم ورش عمل متخصصة وجلسات نقاش جمعت خبراء وأكاديميين من كل أنحاء العالم، تناولوا فيها مستقبل الطاقة والاستدامة.
وعموماً، تنوعت المعروضات في سلسلة معارض سوريا التخصصية 2025 بين عينات تجارية من أحدث المعدات والتقنيات في مجالات البناء والإنشاء والخدمات العقارية والهندسية، إلى جانب حلول الإكساء الداخلي والخارجي، وتطبيقات متقدمة في مجالات الكهرباء والطاقة البديلة، والمستلزمات الصناعية وخطوط الإنتاج.
ورافق هذه العروض سلسلة من الندوات والمحاضرات العلمية المتخصصة، التي ناقشت واقع وتحديات إعادة الإعمار في سوريا، بمشاركة نخبة من الخبراء والمختصين المحليين والدوليين.
اقرأ أيضاً: هل تنقذ المنحة القطرية موظفي سوريا من شبح الفقر؟
مشاركات عربية وأجنبية
وكانت تركيا في صدارة الدول الأجنبية المشاركة، من خلال تمثيل قوي لـ200 شركة تركية من أصل 500 شركة مشاركة من داخل سوريا وخارجها، في قطاعات البناء والطاقة والصناعة.
وفي هذا الصدد وتعليقاً على المعرض، القائم بأعمال السفارة التركية في دمشق، برهان كور أوغلو، وصفه بأنه “حدث غير تقليدي” و”نقلة نوعية” في سياق الفعاليات الاقتصادية التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عقد.
كما أكد أن “مشاركة تركيا الواسعة في هذه المعارض هي دعم حقيقي لجهود إعادة الإعمار في سوريا”، لافتاً إلى أن هذه المرحلة تمثل فرصة حقيقية للنهوض، خاصةً أن لسوريا مكانتها التاريخية الرائدة في مجالات البناء والصناعة والتجارة”.
وإلى جانب ذلك، شهدت سلسلة المعارض التخصصية حضوراً عربياً لافتاً، بمشاركة شركات من لبنان، مصر، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، والعراق.
ومن بين أبرز الشركات، برزت شركة Marti Cars، وهي شركة متخصصة في تأجير السيارات، تمتلك فرعين أحدهما في إسطنبول والآخر في الميدان، وتقدّم خدماتها عبر الإنترنت من خلال موقع إلكتروني وتطبيق مخصص للهواتف، ما يتيح للعملاء تجربة سلسة وسريعة في حجز السيارات.
وتوفر شركة “مارتي كارز” خدمات مميزة تشمل الدعم الفني والاستشاري على مدار الساعة واستلام وتسليم السيارات من مطار دمشق الدولي لتسهيل حركة القادمين والمغادرين، إضافة إلى إمكانية توصيل السيارات إلى أي موقع يختاره العميل داخل سوريا، كما تقدم خدمة استشارية مخصصة للزوار تتعلق بالإقامة والسفر داخل البلاد، في إطار سعيها لتقديم تجربة متكاملة تلبي احتياجات الزبائن، سواء كانوا رجال أعمال أم زواراً.
اقرأ أيضاً: الفوسفات في سوريا: بين لعنة السياسة وآمال إنعاش الاقتصاد!
وفي مقابلة أجراها موقع سوريا اليوم 24 مع عدد من ممثلي الشركات المشاركة في سلسلة معارض سوريا التخصصية، عبّرت شركة خلّوف التجارية عن طموحها في التميز داخل السوق السورية ومنافستها للأسواق المجاورة وحتى الأوروبية.
وقال متحدث باسم الشركة: “نحن سباقون في مجال العربة المتنقلة (فود ترك) في سوريا، وهي تصنيعٌ محلي وليس مستورداً، ولأول مرة في سوريا مع فريق سوري متكامل!”، كما لفت إلى أن فكرة العربة المتنقلة تهدف إلى تخفيض تكاليف استئجار مطعم أو افتتاح مطعم، التي تعد تكاليفه كبيرة، ومن الممكن أن تُستخدم حسب رغبة الزبون.
وتابع المتحدث: “نحن منفتحون على أي اقتراح أو تعديل من قبل الزبون لتحقيق الرضا لديه، من قبل فريقنا السوري”، مشجعاً على المشاركة في المعارض بقوله: “نشجع على الاشتراك في المعرض، وعرض منتجات سورية تنشط السوق السورية بعد ركود دام 14 عام، لنشارك في نهضة سوريا جميعنا”.
بدوره، أكد متحدث باسم شركة ستار شام لصناعة الأدوات الكهربائية على أهمية منتجات الشركة في قطاع الطاقة، مشيراً إلى دور منظمات الكهرباء التي تصنعها في ضبط مستوى الكهرباء في المنازل والمصانع والمعامل.
وقال: “تكمن أهمية منتجاتنا في مجال تصنيع منظمات كهربائية تضبط المستوى الجيد للكهرباء في أي منزل أو مصنع أو معمل، خصوصاً في ظل تحسن الكهرباء في سوريا”، وتابع أنه إضافة إلى ضمان الجودة، تقدم الشركة “كفالة لمدة ثلاث سنوات مع خدمة توصيل وتركيب مجاني، فضلاً عن خدمة استشارات فنية وخدمية من قبل خبراء الشركة”، وختم حديثه بأن منظمات الكهرباء التي تنتجها الشركة “تتوافق مع الانفرتير الذي يدعم الطاقة البديلة”.
اقرأ أيضاً: معرض الصناعات البلاستيكية 2025
أما الباحث والمهندس وائل داغر، فقد أطلَع “سوريا اليوم 24” على بعض الخطوط العريضة للتقنيات الحديثة التي يعمل فريق البحث -الذي يشترك فيه مع الدكتورة عبير العسود- على تطويرها في مجال صناعة المنسوجات الصديقة للبيئة، مفيداً بأن هذه الأبحاث تصب في “بناء سوريا الجديدة” وتسهم في تعزيز استدامة البيئة عبر الابتكار في هذا المجال.
وبيّن داغر أن الفريق “عمل على ابتكار تقنية حديثة من أجل تحديث ألياف الصباغة وتعزيز مقاومتها ضد البكتيريا”. مضيفاً أن الأبحاث التي يتم تطويرها تساهم في رفد هذه التقنيات نحو التنمية المستدامة، وعبّر عن طموحه قائلاً: “نريد أن تكون سوريا رائدة في هذا المجال، في ظل النهضة الحالية”.
جدير بالذكر أن الفريق كان قد فاز بالمرتبة الأولى في جائزة “يوسف بن سعيد لوتاه للعلماء الشباب”، وهي أول جائزة عربية متخصصة في مجالات الاقتصاد الدائري، والطاقة المتجددة، والكيمياء الخضراء، والتي تهدف إلى دعم العلماء الشباب وتحفيزهم على الإبداع والابتكار العلمي في مجالات التنمية المستدامة، وقد شارك في المسابقة 2000 جامعة عربية من مختلف أنحاء الوطن العربي في هذه المسابقة.
علماً بأن الكيمياء الخضراء هي فرع حديث من علم الكيمياء يهدف إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن التصنيع الكيميائي، وابتكار مواد كيميائية صديقة للبيئة تعمل كبدائل للمواد الضارة التي تعود عمليات تصنيعها بنتائج سلبية على البيئة.
ختاماً، يسهم تنظيم سلسلة معارض سوريا التخصصية 2025 في تعزيز الثقة في السوق السورية وتوسيع فرص الاستثمار التي سيكون لها دور إيجابي في دفع الاقتصاد المحلي نحو الأفضل، إذ تمكنت الشركات السورية من عرض منتجاتها وتوسيع نطاق حضورها في الأسواق المجاورة… ومع اختتام الفعالية، يبقى الأمل كبيراً في أن تفتح هذه المعارض آفاقاً جديدة للتعاون والنمو المستدام في مختلف القطاعات، وأن تساهم في نهضة سوريا وبناء مستقبل مشرق لكل أبنائها.
تابعوا المقابلة كاملة على موقعنا على فيسبوك
اقرأ أيضاً: سرقة الكابلات الكهربائية: تحدٍ أمني واقتصادي يفاقم أزمة الكهرباء في سوريا