عند الخوض في قلب الجزيرة السورية، لا يبهرنا التراث والعادات والتقاليد وتناغمها فحسب، بل تبهرنا ثقافة الأكلات الشعبية هناك وغناها وتنوعها، لاسيما الحلويات الشعبية التي يمتزج مع مذاقها الشهي أصالة أهل الجزيرة وكرمهم.
لنخوض رحلة شيقة وممتعة في قلب الجزيرة السورية، ففي الانتظار تراث غني من الحلويات الشعبية ذات النكهات الرائعة والمذاق الشهي.
الحلويات الشعبية أشهر ثلاث أنواع.. بدءاً من المتربعة على العرش حتى باقي الأصناف
الكليجة
بدونها لا تكتمل فرحة المناسبات، تحديداً الأعياد. رائحتها تبشر باقتراب أيام الفرح.
نساء الجزيرة السورية فنانات في زخرفتها وصناعتها بأشكالها التي تحمل ملامح تراث المجتمع الجزراوي، فهي لا تحوي التمر في داخلها فقط، بل مزيج من ذكريات الطفولة ولمة المناسبات السعيدة والأعياد، ناهيك عن فرحة تذوقها ومذاقها اللذيذ.
الكليجة عنصر أساسي للعيد في منازل أهل الجزيرة وهي عروس الحلويات على موائد الجزراويين، فوجودها له تاريخ طويل يتجاوز المئة عام وهي تراث شعبي متناقل من جيل إلى جيل، من الأجداد للأحفاد.
لها نكهتها الخاصة، تتكون من طحين وحليب وسمن وتوابل خاصة، تحشى أحياناً بالتمر وتحضر في المنزل.
متعددة الأشكال بعضها يقطع دائري ومربعات ومثلثات وبعضها لها قوالب خاصة بالتقطيع، ولها طريقتين للتحضير، الأولى: الطريقة القديمة وتعمل على التنور وما زالت لدى بعض العوائل في المجتمع الريفي، والثانية: الطريقة الحديثة وتعمل على الأفران الكهربائية او الحجرية.
في السنوات الأخيرة انتشرت الكليجة في الأسواق عبر محلات اشتهرت بصناعتها وارتبط اسمها باسم المحل وكان الأشهر في دير الزور محل “قربون”، وفي القامشلي محلات “رفيعة” وفي مدينة الحسكة كليجة “الريان” .
ووفقاً لمراسلنا، قبل أن تنشب الحرب وتدّمر مدينة دير الزور ومنها شارع سينما فؤاد، حيث كان موقع “قربون” فقد كان صانع الكليجة من الشهرة بمكان جعلته يرسل طلبياته إلى دمشق، بل وإلى أبعد من ذلك: إلى دول الخليج العربي.
اقرأ أيضاً: الجزرية.. أشهر حلويات الساحل
هريسة الجبن الديرية
رغم بساطة مكوناتها إلا أن مذاقها لا ينسى، تتكون من السميد والسكر والماء، نغلي السكر مع الماء ويجري تسقيط السميد مع الكربونات وتترك لمدة 12 ساعة ، ويستخدم في صناعتها حصراً السميد الخشن.
وهي أكلة محصورة بدير الزور، ولا أحد يبرع بها كما أهل الدير، أبرز ما يميزها الجبن الديري، وهي حاضرة على موائد رمضان وأبرز ضيوفه، بقيت محافظة على أصالتها وطابعها الخاص دون إدخال أي مكون غريب عن ثقافة أهل الدير عليها أو تغيير أي مكون فيها.
تتكون من طبقتين من العجين، يوضع فوق الطبقة الأولى الجبن منزوع الملوحة ثم تضاف الطبقة الثانية وتزين بالقطر لتحمير وجه العجينة وإضافة “القرشه” إليها عند التذوق.
اقرأ أيضاً: المطبخ الحمصي وأشهر أربع أطباق تزينه
لقمة القاضي
هي مشهورة في عموم سوريا ويطلق عليها اسم “العوامات” ولكنها من تراث الجزيرة السورية، وتصنع بخليط من الطحين والملح والسكر، إضافة للنشا والزيت والحليب البودرة مع المطيبات كالفنيليا أو الهيل.
توضع في وعاء النواشف مع بعضها البعض ثم يوضع الماء وتخفق بمشبك يدوي لتتجانس المكونات مع بعضها البعض ثم تترك لترتاح العجينة لمدة ساعة أو ساعتين، ثم توضع في محضرة أو كيس يثقب من الرأس وينزل في وعاء من الزيت المغلي، ثم تصفى وتترك لتبرد، وتتميز بقوامها المقرمش من الخارج والهش من الداخل.
ختاماً، مكونات الحلويات الشعبية للجزيرة السورية تكشف عن أصالة أهلها وبساطتهم وتحويلهم هذه المكونات البسيطة والمحلية إلى حلويات تنافس الحلويات الشعبية الأخرى في باقي المحافظات، ورغم البساطة ميزت هذه المأكولات الشهية التراث الغذائي لأهل الجزيرة.
اقرأ أيضاً: الفريكة: كارثة صنعت واحدة من أشهى نكهات العالم!