من عناق الجبال لمياه البحر الفيروزية، تولد لوحة ربّانية تسرد لكل من يناظرها حكايات من عالم الخيال… هناك، في منطقة برج إسلام، حيث الهدوء سيّد الموقف، يجد كل من يحتاج ملاذاً للسكينة ضالّته، ليقضي أجمل اللحظات في حضن الطبيعة. فأين تقع هذه المنطقة؟ وكيف يمكنك قضاء الوقت فيها؟ هذا ما سنعرفك عليه في هذا المقال.
برج إسلام: جوهرة ساحلية بين الجبال والبحر
في شمال محافظة اللاذقية، وعلى بعد كيلومترٍ واحد فقط من مياه البحر الأبيض المتوسط، تقع منطقة برج إسلام لتكون واحدة من أكثر الوجهات الساحلية جمالاً في سوريا، يجمع هذا الموقع الساحر بين الشواطئ الرملية الذهبية والجبال الشاهقة التي تحيط بها، راسمةً مشهداً بانورامياً يضاهي أجمل الأماكن في العالم.
برج إسلام عبارة عن منطقة في قرية صليّب التركمان، تتبع ناحية عين البيضاء في اللاذقية، وتضم مجتمعاً حيوياً يقدَّر عدد سكانه بنحو 40 ألف نسمة، ينحدر معظمهم من أصول تركمانية سورية، ويتحدثون العربية والتركية.
ليست الطبيعة فحسب ما يميز هذه المنطقة الخلابة، بل تمتاز كذلك بطابعها المعماري؛ إذ تحتفظ بعض أحيائها القديمة بمنازل حجرية مسقوفة بالأخشاب، وتتوزع مساكن حديثة على أطراف الطرق المتشعبة منها، ويُعرف سكانها بكرمهم ودفء استقبالهم للزوار.
تاريخها
يعود تاريخ هذه المنطقة إلى زمان قديم، فالاكتشافات الأثرية تشير إلى أنها كانت مأهولة منذ عهود بعيدة، فقد عُثر فيها على شواهد وبقايا أثرية تعود إلى الحضارات الرومانية والبيزنطية، وكل منها ترك بصمته الخاصة التي ما زالت ماثلة في معمارها، وتفاصيل تراثها الثقافي والاجتماعي.
أما عن تسمية المنطقة بـ”برج إسلام”، فهي قصة غامضة نوعاً ما، فلا وجود لوثيقة تاريخية مؤكدة تحسم أصل الاسم، إلا أن عدة روايات محلية ونظريات تداولها الأهالي والمؤرخون تقدم تفسيرات محتملة.
ترجّح إحدى هذه الروايات أن التسمية تعود إلى وجود برج قديم في المنطقة، ربما كان يستخدم لأغراض عسكرية أو مراقبة، تم بناؤه خلال الفترة الإسلامية، أو على الأقل كان له شأن في تلك الحقبة، ولهذا أُضيف إلى اسمه لفظ “إسلام”.
اقرأ أيضاً: عروس طرطوس: جزيرة أرواد بين الأمس واليوم
شاطئ برج إسلام
يشكّل شاطئ برج إسلام أو شاطئ صليّب التركمان، أحد الوجهات السياحية المحببة لعشاق الطبيعة والسكينة، فهو لوحة فنبة طبيعية تتناغم فيها الألوان والتضاريس؛ من المياه الفيروزية الصافية والرمال الناعمة، إلى الجبال المترامية التي تعانق البحر وتضفي على المشهد لمسة رومانسية حالمة.
يمتد السحر إلى تحت مياه البحر، إذ تحتضن المنطقة شعاباً مرجانية وأسماكاً ملوّنة، تجعل منها الوجهة المثالية لمحبي الغوص والاستكشاف البحري، إلى جانب النشاطات المميزة على طول الشاطئ.
ويعدّ البرج القديم في قلب المنطقة معلماً بارزاً، يعود تاريخه إلى العصور الوسطى، وقد أعيد ترميمه ليتاح للزوار فرصة الصعود إلى أعلاه والاستمتاع بإطلالة بانورامية على البحر والجبل.
وفي اكتشاف جيولوجي نادر، تم الكشف عن أكبر كهف مائي في المنطقة، والذي يتميز بتشكيلاته الصخرية النادرة وحجمه الكبير… ويبلغ عمق الكهف أكثر من 50 متراً داخل الجبل وارتفاعه نحو 24 متراً منها جزء كبير مغمور تحت الماء، كما يتميز ببوابة واسعة قطرها يصل إلى نحو 10 أمتار تؤدي إلى دهليز طويل داخل الجبل، إضافة إلى ذلك يحتوي الكهف على تشكيلات رملية فريدة وترشيحات مياه نقية، ويشير وجود ترشيح مياه نقية من سقف الكهف إلى وجود نظام مائي تحت الأرضي في المنطقة،
ويُعتقد أن الكهف كان يستخدم كمأوى للسفن القديمة، حيث استخدمه البحارة للنجاة من العواصف والأحوال الجوية السيئة، ما يجعله موقعاً تاريخياً ذو قيمة كبيرة.
كيف تقضي أجمل الأوقات؟
عندما تطأ قدماك أرض هذه المنطقة الساحرة، ستدرك على الفور أنك أمام واحدة من أجمل الوجهات السياحية، تبدأ مغامرتك من السفوح الخضراء ولا تنتهي عند زرقة الماء.
يوجد أنشطة عديدة يمكنك القيام بها هنا، ربما تفضل أن تتسلق إحدى الجبال المحيطة، حيث تنتظرك مسارات وعرة وأخرى سهلة، كل منها يحمل تجربة مثيرة إن كنت من عشاق الهايكنغ أو ركوب الدراجات الجبلية.
أما إن كنت من محبي المغامرات المائية، فما عليك سوى التوجه نحو الشاطئ، حيث يمكنك ركوب الأمواج والسباحة، أو الانطلاق في رحلة غوص لاكتشاف الشعاب المرجانية وأسماك البحر الملونة، أو يمكنك ببساطة ركوب قارب والتجول بمحاذاة الساحل، لتشاهد الجبال تنعكس على صفحة البحر كلوحة خيالية.
والنشاطات البسيطة هي الأجمل لعشاق الهدوء، سواء لجلسات العائلة أو الأصدقاء، أو حتى لوحدك! اجلس فوق التلة المطلة على البحر واشرب كوباً من القهوة أو الشاي ودع خيالك يأخذك إلى خارج الحدود، حتماً سوف تحلّ كل مشاكلك!
تمتاز المنطقة بمناخها المعتدل في الربيع والخريف والصيف، ربما يكون الشتاء فيها قارس البرودة ولكن له متعة خاصة مختلفة عن النزهات الصيفية خاصةً مع قلة الازدحام.
خلاصة الكلام -والكلام لا يعطي المكان حقه- منطقة برج إسلام ككل، وشاطئها تحديداً هو قطعة من الجنة على أرض سوريا، سيأسرك من أول نظرة، وإن زرته ستعود إليه مراراً وتكراراً، نأمل أن يأخذ حقه في الاهتمام، وأن يتطور ويُبنى فيه منتجعات سياحية، ولكن يبقى متاحاً للجميع دون استثناء.
اقرأ أيضاً: أهم المعالم السياحية في الساحل السوري
