الطعام الشعبي في سوريا يعتبر من التراث الغني الذي يعكس تاريخ هذا البلد العريق والتنوع والمزيج الثقافي الموجود داخل المجتمع السوري، حيث تمتزج النكهات اللذيذة والمميزة مع الأطباق التقليدية التي تقدم بروح يعلوها كرم الضيافة فهذا هو الطبع السوري الأصيل.
في حين تشتهر سوريا بالعديد من المأكولات والأطعمة الشعبية التي جرى تناقلها عبر الأجيال والتي يجري تحضيرها بمكونات طازجة وبوصفات دقيقة تبعاً للمنطقة التابعة لها. فإنّ التراث الغذائي السوري لا يقتصر على الأطعمة فقط، بل يشمل العادات الاجتماعية المرتبطة بتناول الطعام، كالتجمعات العائلية. بالإضافة إلى المناسبات الدينية والاحتفالات. يُعتبر المطبخ السوري جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية، يجسد أصالة الماضي ويواصل إبهار العالم بنكهاته الفريدة.
الطعام الشعبي وارتباطه بمناسبات اجتماعية
ان الساحل السوري زاخر بغنى موائده بالطعام الشعبي التراثي والذي حافظ على وجوده على موائد أهالي، الساحل منذ مئات السنين، وارتبط هذا الطعام بالعديد من المناسبات الاجتماعية.
ومن اشهر المأكولات التراثية هي (الكبيبات بالسلق) فهي من الاطباق الرئيسية في احتفال أهالي الساحل السوري برأس السنة الشرقية أو كما يصح تسميتها محلياً (عيد القوزلة) وهو من الموروثات الثقافية والتقليدية حافظت عليه العديد من قرى الساحل منذ مئات السنين وكلمة (القوزلة) تعني بداية الشيء في الآرامية وفي الآشورية (قوزلو) أي إشعال النار.
وتقديم طبق الكبيبات في هذه المناسبة هو بمثابة إكرام للضيف إضافة لإعداد (الزنكل أو زلابية) بهذه المناسبة وهي عبارة عن رقائق من العجين تحشى باللحم والبصل تكون متطاولة الشكل ثم يتم قليها بالزيت، وكانت الجدات تكتفي برش العجين بالملح وإضافة حبة البركة والسمسم وتتمتع (الكماجة) كما يطلق عليها أيضاً بطعم شهي ومميز.
اقرأ أيضاً:الكباب السوري فسيفساء البلاد في طبق
الطعام الشعبي وتنوعه تبعاً للجغرافيا
يتأثر الطعام الشعبي بالبيئة والمكان الذي يتواجد فيه فلا يمكن على سبيل المثال لسكان الصحراء، أن يعتمدوا في اكلهم على السمك لأن البادية بعيدة عن البحر، لذلك ترى اغلب اعتمادهم الغذائي على الاغنام والماعز ويتم إكرام الضيف بأن تذبح له الماشية في البادية، بينما إكرام الضيف في الساحل يكمن في تقديم السمك.
ولذلك عند استعراضنا للطعام الشعبي نلاحظ اعتماده على ما تنتجه البيئة ولأن سوريا متنوعه جغرافياً فبطبيعة الحال ستواجه التنوع في المأكولات الشعبية تبعاً لتنوع البيئات. لكن إلى جانب ذلك وبسبب تقارب الريف من المدينة، فإن كلاهما يستعير بعض الأكلات من بعضهم الآخر. فتنتشر أكلة الريف في المدينة وتنتشر أكلة المدينة في الريف وذلك لعدم وجود الحواجز الجغرافية او حواجز تتعلق بالعادات والتقاليد.
ونرى انتشار الأكلات التي تحتوي على البرغل في المناطق التي تنتشر فيها زراعه القمح، أما المناسف يكون انتشارها في المناطق التي تشهد رعي قطعان من الماشية. والاسماك تقدم في المناطق القريبة من البحر أو النهر. وهكذا يتنوع الطعام الشعبي بتنوع البيئة الجغرافية في سوريا فلكل منطقة طابع ثقافي وبيئي خاص ينعكس على موائدها.
اقرأ أيضاً: أشهر المقبلات السورية التي لا يمكنك تفويتها!
الحلويات الشعبية وتطورها
من المأكولات التراثية تحديداً في شهر رمضان هو (المعروك). يعد من الطعام الشعبي الأشهر في سورية في الشهر الكريم ويقال باللهجة العامية (أكل الملوك يا معروك) وهذا ما ينادي به الباعة في دمشق. فالمعروك هو الكعكة الدمشقية الحاضرة على موائد الإفطار في دمشق كتقليد غذائي. أو خبز رمضان (المعروك) من الأكلات الشامية المعروفة منذ أكثر من قرن وهي عبارة عن حلوى مخبوزه بين الخبز والكعك. وجاءت تلك التسمية من العرك أي الخلط بشكل جيد حتى يصبح الخليط متجانس لأنه قديماً كان المعروك يحضر يدوياً لعدم وجود آلات للعجن.
وهناك أنواع عديدة للمعروك منها النوع السادة الخالي من أي إضافات ومنها الصنف الملوكي الذي يضاف له جوز الهند والزبيب مع ماء الزهر وهذا النوع يشهد إقبالاً كبيراً لدى السوريين. أما حديثاً فبات للمعروك أصناف كثيرة مسماة حسب العصر الحديث فأصبح هناك معروك الشوكولا بمختلف أنواعها ومعروك البستاشيو، وهكذا تطور المعروك الدمشقي من السادة إلى المحلى بالشوكولا والبستاشيو.
ختاماً. الطعام الشعبي جزء من التراث الغني لأي شعب و بحكم سوريا وتنوعها وتنوع بيئاتها فرض الطعام الشعبي نفسه كجزء من التنوع الثقافي والغنى التراثي في البلاد.
اقرأ أيضاً: من الفلافل إلى تماري الكعك.. أشهر أكلات الشارع السوري!