السياحة الثقافية في سوريا هي سياحة مزدهرة، بفعل ما تمتلكه سوريا من مقومات سياحية متميز على مختلف الأصعدة على الرغم من سنوات الحرب التي خاضتها البلاد، ظلت السياحة عاملاً رئيسياً في النهوض والتعافي من براثن المرحلة السابقة.
وسوريا بلد التنوع والحضارات وهذا ما يجعلها متنوعة ثقافياً وبالتالي ينعكس على السياحة فيها وتحديداً الثقافية منها، فالأوابد التاريخية والمناطق الأثرية منتشرة على كافة الجغرافيا السورية وهذا بحد ذاته عامل جذب للسياح من مختلف أنحاء العالم لاسيما المهتمين منهم بالتعرف على ثقافات الشعوب ونمط حياتهم.
ماهي السياحة الثقافية
هي نوع من أنواع السياحة والتي تهتم بثقافة دولة معينة، ونمط حياة المجتمع فيها، وطبيعتها الجغرافية، وتاريخ الأشخاص الذين يسكنون الدولة، والفن والدين وغيرها من معالم الثقافة في البلاد.
يمكن ممارسة هذه السياحة في المناطق الحضرية أو المدن الكبيرة وحتى المتاحف والمسارح، كما من الممكن لهذه السياحة أن تغطي المناطق الريفية التي بدورها تعرض تقاليد المجتمعات الأصلية وقيمهم ونمط حياتهم.
وإن هذه السياحة تعني بمفهومها انتقال الأفراد لمناطق الجذب الثقافي في خارج أماكن اقامتهم بغية جمع المعلومات والتعرف على تجارب جديدة لكي يلبوا احتياجاتهم الثقافية.
وتتعدد أنواع هذه السياحة فمنها: السياحة في المدن الثقافية، السياحة العرقية والتقاليد، المهرجانات السياحية، السياحة الدينية، السياحة الإبداعية.
وتعتبر مهمه كونها تعزز نمو الاقتصاد المحلي وتخلق فرص عمل جديدة بسبب توفر وظائف موسمية جديدة، وتؤثر إيجاباً على الهوية الاجتماعية والقطاع الاجتماعي.
اقرأ أيضاً: مقاهي دمشق العريقة من النوفرة إلى الهافانا
السياحة الثقافية في سوريا
أوضح الدليل السياحي السوري عبد الرزاق الحمصي لصحيفة الثورة السورية أن هناك تركيز كبير على السياحة الثقافية الموجودة في سوريا، وأن ما يوجد تحت الأرض هو أضعاف ما يوجد فوقها والسياح يقومون بزيارة المواقع الأثرية والمتاحف ويحضرون حفلات دار الأوبرا.
والسياحة الثقافية في سوريا من أهم أنواع السياحة كونها تستقطب النخب بالعالم ويجري التواصل بين الدليل والمجموعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
حيث تنتشر على امتداد الجغرافيا السورية المئات من أضرحة القديسين والكنائس والجوامع التي بدورها تستقطب سنوباً آلاف الزوار إلى جانب مئات المواقع الأثرية والأبنية التاريخية التي تعبر عن الإرث الحضاري والتاريخي للبلاد.
حيث أن وزارة السياحة السورية قد قدرت في تقرير لها عدد المواقع الأثرية المكتشفة والمعروفة حتى اليوم بنحو ثلاثة آلاف موقع ومركز أثري يرجع بعضها إلى ثمانية آلاف عام وتم تسجيل ستة مواقع أثرية هي على لائحة التراث العالمي.
هذا التطور والغنى الثقافي والديني والتاريخي قد جعل من سوريا على مدى عقود من الزمن وجهه رئيسية للسياح من مختلف أصقاع العالم للتعرف على تلد الأوابد الأثرية التي تشكل تجسيداً للثقافات الإنسانية المتنوعة.
في إحصائية لوزارة السياحة بينت أنه بين عامي 2020-2022 مع التنسيق مع وزارة الثقافة تم تنفيذ مسارات الزيارة السياحية لكل من قلعة صلاح الدين، قلعة دمشق، قلعة الحصن، إلى جانب إعداد دراسات متعلقة بتأهيل موقعي قلعة حلب وقلعة المرقب من أجل إتاحة الفرصة للسياح لزيارة هذه القلاع.
وفي آخر كشف لوزارة السياحة السورية في العام 2024 لقد تجاوز عدد القادمين إلى البلاد المليون زائر عند حلول الشهر السابع من العام المذكور بزيادة قدرها 5% عن عام 2023.
وقد بينت مديرة التسويق والإعلام السياحي بوزارة السياحة المهندسة ربى صاصيلا بينت أهمية السياحة الثقافية في البلاد كونها تستقطب المهتمين بزيارة بلدان وأماكن ذات تاريخ عريق للاستمتاع بالفن والأدب والعمارة والتراث مضيفاً إلى أن سوريا تشكل متحف مميز وحي للتاريخ والحضارة بسبب ما تحوبه من مواقع جذب ثقافي.
كما تعتبر من أهم أنماط السياحة في البلاد لما لها دور في تعزيز الاقتصادات المحلية عبر إنعاش الصناعات اليدوية والفنون التقليدية والتراثية بكافة أشكالها.
وأكدت صاصيلا أن وزارة السياحة السورية تعمل على تعزيز السياحة الثقافية ويجري العمل على اختيار الأدلاء السياحيين بعناية بعد تدريبهم بشكل مكثف في هذا المجال ويخضعون لامتحانات يشرف عليها مختصين محترفين في العلوم السياحية والأثرية، إلى جانب عمل الوزارة على الترويج للمشاريع السياحية الاستثمارية التي جرى اطلاقها لزيادة معدلات الاستثمار السياحي، وتقوم الوزارة بالتعريف على مكونات السياحة الثقافة وجذب الزوار إليها عبر وضع استراتيجيات وخطط للترويج والتسويق السياحي.
اقرأ أيضاً: وجهات سياحية في حلب تجذب السياح الأجانب
أماكن الجذب الثقافي
القول بأن كل منطقة بسوريا تقريباً هي مكان للجذب الثقافي لا يعتبر مبالغة. فمن ساحلها لداخلها لشرقها وشمالها تنبض بالغنى الثقافي والأثري.
وعن أهم مناطق جذب السياحة الثقافية في سوريا، أوضحت صاصيلا إلى أنها تشمل مدن الحضارات العريقة ومنها (أوغاريت – ماري – دورا أوروبوس- الرصافة) والمدن المنسية تدمر وبصرى ومعلولا وحلبية وزلبية والقلاع والحصون الأثرية كقلاع دمشق وحلب والحصن وصلاح الدين والمرقب وسمعان والمدن القديمة التي مازالت مأهولة منذ آلاف السنين، وأهمها دمشق وحلب وحماة واللاذقية.
إلى جانب الاطلاع على أنماط البناء المتميزة وتصميم الأبنية الشرقية والأسواق والأسوار والأبواب والحارات القديمة تحديداً في مدينة دمشق، بالإضافة للتعرف على المتاحف المنتشرة في معظم المدن والمواقع الأثرية، والتي تحوي كنوز التاريخ وشواهد الحضارات التي تعرض للزوار بكل تنظيم و وفق أساليب حديثة، إلى جانب التعرف على ألوان الفلكلور السوري المتميز والشهير وخاصة صور الحياة السائدة والمهارة في الحرف اليدوية والصناعات التقليدية.
ختاماً، السياحة الثقافية في سوريا من أنجح أنواع السياحة في البلاد وأكثرها استقطاباً للزوار ويرجع ذلك لتنوع سوريا الحضاري وغناها الثقافي. استطاعت سوريا رغم سنوات الحرب أن تنهض بقطاعها السياحي نوعاً ما وتحافظ على نفسها كوجهه سياحية في العالم.
اقرأ أيضاً: صيدنايا: مدينة القداسة والتاريخ.. لا سجن الرعب والدماء!