أمينة خولاني من الناشطات الحقوقيات البارزات في مجال حقوق الإنسان، اشتهرت بنضالها الملهم والشجاع من أجل العدالة والحرية للمعتقلين والمساجين في سوريا. ولدت في مدينة داريا في ريف دمشق، تعتبر ناجية من قمع النظام السوري بعد تجربة مريره في سجونه تكاد تكون مروعة. قبل أن تنتقل للعيش في بريطانيا في العام 2014، حيث واصلت نضالها.
اشتهرت خولاني بدورها الفاعل في الحملات التي من خلالها دافعت عن آلاف المعتقلين والمفقودين في سوريا، وهي من المؤسسين والمشاركين في مبادرات مثل “عائلات من أجل الحرية” الهادفة للكشف عن مصير المعتقلين في السجون، والعمل من أجل إطلاق سراحهم. وجهودها المبذولة لاقت اهتماماً دولياً، وقد التقت العديد من المسؤولين الغربيين، كان منهم نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي غولدريتش-Goldrich، الذي أكد دعم الولايات المتحدة للقضية التي تناضل من أجلها الخولاني.
في عام 2020، نالت أمينة خولاني جائزة المرأة الشجاعة الدولية من وزارة الخارجية الأمريكية تقديراً لشجاعتها وتضحياتها في الدفاع عن حقوق الإنسان والسجناء السياسيين في سوريا. وقصتها تشكل مصدر إلهام للكثيرين، فهي نتاج بين المرونة الشخصية والعمل الجماعي لمواجهة الظلم، مما يجعلها علماً من أعلام الساحة السورية والدولية للنضال من أجل حقوق الإنسان.
نشأة أمينة خولاني وتعليمها
ولدت في العام 1974. وهي سورية الجنسية من مدينة داريا في محافظة ريف دمشق، حاصلة على شهادة الماجستير في الآداب من جامعة دمشق، وقد عملت كمدرسة لمادة التاريخ في ثانوية بنات داريا. وقد نشأت في أسرة أتاحت لها كل الدعم المادي والمعنوي الذي صقل لها شخصيتها وجعلها قادرة على إنجاز ماهي عليه اليوم. فقد ساندها والداها وباقي أفراد عائلتها في درب النضال التي اختارت أن تمضي به. وفي حوار لها مع مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أوضحت الخولاني أن مفهوم العدالة والحرية للناس بشكل عام والمرأة بشكل خاص هو ما ترعرعت عليه منذ صغرها، وكانت لديها رغبة قوية في دراسة الحقوق والعمل كقاضية، لكن عشقها لدراسة التاريخ كان أكبر.
اقرأ أيضاً: عبيدة نحاس: الحوار الوطني ضرورة لصناعة مستقبل سوريا
نضال أمينة الخولاني قبل وبعد الثورة في سوريا
قبل انخراطها في ثورة الحرية والكرامة بآذار من العام 2011، كان لها تجربة في النضال السلمي في العام 2003 قبل أن تنطلق الثورة السورية، حيث كانت واحدة من مجموعة الشباب في مدينة داريا ممن درسوا الفكر اللاعنفي المدني على يد المفكر السوري الإسلامي عبد الأكرم السقا، والذي جرى اعتقاله في بداية الثورة السورية، وقد أطلق عليهم فيما بعد اسم (مجموعة شباب داريا 2003)، وكان معها في المجموعة يحيى الشربجي وحنان اللكود.
كما شاركت في العديد من الحملات، كان منها حملة تضمنت عدداً من النشاطات السلمية مثل: سبل السلام “مظاهرة صامتة” وكل تلك الحملات جرى توثيقها على موقع (يوتيوب -YouTube). وعلى إثرها جرى اعتقالها مع رفاقها من قبل الأجهزة الأمنية. وتم تحويل الشباب لسجن صيدنايا، بينما هي والنساء اللواتي كنّ معها تركن بعد شهر من الاعتقال. والربيع العربي كان تحت أنظارها، فمع بوادر الحراك العربي شاركت الخولاني في اعتصام كان أمام السفارة الليبية.
ومنذ اليوم الأول للثورة في سوريا ومع بداية الحراك الثوري. كانت من المشاركات الأوائل وكانت في طليعة القيادة والمشاركة بالتظاهرات السلمية الشعبية والاعتصامات في كل من داريا ودمشق. وبعد أشهر من انطلاق الثورة جرى استدعائها إلى فرع الأمن السياسي. وجرى التحقيق معها وتوقيعها على تعهد بعدم المتابعة بالحراك الشعبي.
اقرأ أيضاً: برهان غليون: من دروس الثورات العربية… الثورة السورية خصوصاً
اعتقال الخولاني وخروجها من البلاد
رغم التضييق والمضايقات الأمنية تابعت الخولاني عملها في الحراك السلمي. وساهمت بالعديد من الأنشطة السلمية كتوزيع الصحف والمنشورات الثورية، والبخ على الجدران، والدعوة للعصيان المدني وغيرها. في تشرين الأول من العام 2013 جرى اعتقالها من قبل عناصر المخابرات الجوية هي وزوجها أمام أطفالها، وتعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي وهددت بزوجها وهي بالمعتقل، ثم نقلت فيما بعد لسجن عدرا.
في تصريح لها لمركز حوران للدراسات قالت الخولاني “عليّ أن أقتل الوقت بأي طريقة حتى لا يقتلني” فاتفقت مع بعض النساء على أن تعلمهن القراءة والكتابة، مقابل أن يعلمنها شغل الخرز والدبكة الشعبية، وعلى حسب قولها كانت هذه من الذكريات الإيجابية النادرة في المعتقل.
خرجت من المعتقل في آذار من العام 2014. وجرى فصلها بشكل تعسفي من وظيفتها ولم تنفك عنها الملاحقة الأمنية، وتضييق الخناق عليها، فأجبرت على الهرب بطريقة غير شرعية إلى لبنان. وأن تتحمل مسؤولية أطفالها الثلاثة بمفردها حتى خروج زوجها بعد فترة اعتقال دامت سنتين ونصف، وقد عاشت في لبنان أربع سنوات، وبسبب الضغوط الأمنية والمعيشية الصعبة على السوريين غادرت لبنان لتعيش في بريطانيا.
اقرأ أيضاً: أحمد البرهو: من أنجبَ الثورة السورية؟
متابعة الخولاني لنشاطها الثوري في الخارج وتكريمها
أصبحت المديرة التنفيذية في مركز “عدالتي”، ونائبة مجلس إدارة “مؤسسة مدنية”. وتشغل عضوية مجلس إدارة العديد من منظمات المجتمع المدني السوري منها (المجلس السوري البريطاني)، وشبكة حراس الطفولة، إلى جانب عضويتها في “مجموعة الموارد السورية”.
كما شاركت في الجلسة الرسمية الأولى التي عقدها “مجلس الأمن الدولي” حول قضية الاعتقال في سورية عام 2019، وقد كرست حياتها للبحث عن المعلومات والعدالة للأسرى المختفين بشكل قسري، وهي عضوة في مؤسسة (عائلات من أجل الحرية)، وهذه الحركة تقودها نساء، تم إطلاقها في العام 2017 من قبل عائلات من احتجزوا واعتقلوا واختفوا في سوريا.
تم تكريمها من قبل وزارة الخارجية الأميركية في العام 2020 بجائزة الشجعة الدولية (iwoc) في حفلها السنوي الرابع عشر فجرى تكريم 12 امرأة من مختلف أنحاء العالم من بينهم عربيتان كان منهن الخولاني. وأبرز ما صرحت به الخولاني بعد انتصار الثورة وسقوط النظام في سوريا في مداخلة لها بمؤتمر الحوار الوطني المنعقد منذ شهرين في دمشق:
“لدينا في سورية إرث ثقيل من الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان امتدت ل14 عام، وأول خطوة في هذا المسار هو إنشاء هيئة العدالة الانتقالية والذي تأخر بشكل واضح، وأن أي تأخير في البدء في مسار العدالة الانتقالية، يعني ترك الناس لعدالة إنتقامية”.
ختاماً، نضال أمينة الخولاني كان ضد الاستبداد المجتمعي والاستبداد الأمني، فكانت خير مثال للمرأة السورية الحرة المناضلة.
اقرأ أيضاً: رفقة شقور: الثورة السورية تحديات ومآلات