من هو صفوت رسلان مدير صندوق التنمية السوري؟!

قبل أيام قليلة، أُضيئت أسوار قلعة دمشق على وعدٍ بمستقبلٍ يُبنى حجراً فوق حجر، وبدأ الاسم الجديد يتردد في قاعات الحفل. طلّ اسم صفوت رسلان، ليس كبطلٍ صاخب، بل كمديرٍ يراهن على لغة الأرقام والانضباط؛ عقل مصرفيّ صُقِل في بيئات تنافسية صارمة، ثم وُضع أمام امتحانٍ محليّ عنوانه تحويل الأمل إلى مؤشرات أداء. ووفق البعض لم يكن حضوره حدثاً عابراً بقدر ما كان إشارةً إلى فلسفة إدارة مختلفة؛ مصرفيٌّ خبر مخاطر الائتمان في أوروبا، يعود ليضع خبرته على طاولة مشروع وطني سوري اسمه «صندوق التنمية السوري».
سيرة موجزة لـ صفوت رسلان
يحمل محمد صفوت عبد الحميد رسلان صفة «المدير العام» للصندوق بمرسوم رسمي صدر عام 2025، في سياق إنشاء مؤسسة اقتصادية وطنية ذات استقلال مالي وإداري مقرها دمشق. وهذا التعيين ثبّت الرجل في قلب مشهد الإعمار المؤسسي الذي تُشرف عليه الرئاسة مباشرة.
مهنياً، تَشكَّلت خبرته عبر مسار متدرّج بدأه في المصارف السورية بين 2002 و2009 (من «البنك الدولي للتجارة والتمويل» إلى «المصرف الإسلامي الدولي السوري» فـ«بنك بيبلوس سورية») قبل انتقاله إلى ألمانيا حيث شغل وظائف تشغيلية في «دويتشه بنك» و«تارغو بنك»، ثم انتقل إلى الاستشارات في «كابكو» ولاحقاً في «إرنست ويونغ» مستشاراً أول في أعمال الائتمان، ليعود إلى العمل المصرفي المباشر في نيسان/أبريل 2025 مديراً لأعمال الائتمان في «ابو بنك» (Deutsche Apotheker- und Ärztebank).
أكاديمياً، يحمل إجازة في العلوم الاقتصادية/المصارف من جامعة حلب، وأكمل برنامج «ماجستير مُصغّر» في الإدارة الاستراتيجية بجامعة «لازارسكي» البولندية عام 2011، وهو ما يفسّر مزجه بين أدوات التحليل الائتماني وحوكمة المخاطر ومنهجيات الاستشارة عند صياغة سياسات الصندوق. وتذكر مصادر صحافية ألمانية أنه من مواليد حلب، وقد انتقل إلى ألمانيا في 2014 واستقرّ في إسن مع انخراطٍ مدني وإعلامي موازٍ لمساره المالي، ما يمنحه شبكة معرفية تتقاطع مع دوره الحالي في بناء شراكات للصندوق داخل سوريا وخارجها.
وبعض المنصات الإعلامية، تشير إلى علاقة له بفريق «ملهم» التطوعي، لكن لم نجد عبر البحث ما يثبت صحة ذلك.
لماذا رِجل مصرفي في موقعٍ كهذا؟
الجواب المباشر يكمن في طبيعة المخاطر. إعادة الإعمار ليست هِبَاتٍ تُنفق؛ إنها تدفقات مالية طويلة الأجل تتطلب صرامة سياسات امتثال، ومعايير شفافية، وأنظمة تقييم جدوى، وقدرة على مزاوجة المال العام بالخاص من دون الوقوع في فخ التعارض أو الهدر. هنا تصبح خبرة رسلان الائتمانية – من تحليل المخاطر إلى ضبط المعايير – ذات قيمة عملية عند تصميم محافظ تمويل لمشاريع البنية التحتية، والإسكان، والطاقة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تشغّل الشباب وتُعيد الدورة الاقتصادية إلى المحافظات. وهذه المقاربة تضع «صندوق التنمية السوري» أقرب إلى منصّة استثمار عام تشاركي، منها إلى مجرّد صندوقٍ تقليدي.
اقرأ أيضاً: جمع 60 مليون دولار خلال ساعات.. هل صندوق التنمية السوري هو سر النهضة الجديدة؟
تحديات الطريق ومعادلة الثقة
سيتعين على الصندوق أن يبرهن سريعاً على ثلاثة أمور: أولها أن الحوكمة ليست شعاراً بل ممارسات يومية تُنشر وتُدقَّق؛ ثانيها أن معايير اختيار المشاريع عادلة ومتوازنة مكانياً وقطاعياً؛ وثالثها أن أثر التمويل يُقاس بوضوح في فرص العمل وجودة الخدمات. إن جمع تعهدات أكبر يتطلّب قصص نجاح مبكرة، وسلاسل توريد شفافة، وأدوات رقابة مجتمعية ذكية، إضافة إلى بوابة بيانات مفتوحة تُحدّث باستمرار وتتيح للمواطن والمستثمر معاً متابعة الدورة كاملة من الفكرة إلى الإنجاز. وفي قلب هذه المعادلة يبقى مدير صندوق التنمية السوري مطالباً بأن يلعب دور «المُطمئن المهني» الذي يوازن بين طموح السرعة ومخاطر الاستعجال.
ما الذي يعنيه ذلك للسوريين؟
إذا نجحت الرؤية التي قدمها رسلان وقت الإطلاق «بوصلة لإعمار وطن جريح، ورؤية توحّد الجهود وتحوّل التبرعات إلى مشاريع ملموسة» – فسيجد السوريون شيئاً مختلفاً: مؤسسة تتقن لغة الأرقام بقدر ما تفهم لغة الاحتياجات، تُشغّل الموارد المحلية، وتستقطب المغترب عبر بوابات تمويل واضحة ومردود اجتماعي مباشر، وتحوّل الإعمار من حدث موسمي إلى برنامج عمل مستدام. أنها لعبة ثقة، وأول اختباراتها تبدأ الآن.
اقرأ أيضاً: من هو إبراهيم علبي سفير سوريا الجديد في الأمم المتحدة؟




