محمد عمران التشكيلي السوري، صاحب النظرة النقدية، والذي قدم العديد من الأعمال في مجالات النحت والرسم، ووصل إبداعه إلى فن الفيديو، كان لعمران هوية وبصمه خاصه كانت واضحة وجليه في لوحاته، نحته، ونقده. كان يحاكي الواقع السياسي والاجتماعي السوري عبر لوحاته ويجسد ما كان يصعب على الشخص العادي التعبير عنه.
التشكيلي الذي رحل عن عمر مبكر، ما الأثر الذي تركه، وما أبرز محطاته؟
التعريف بالفنان التشكيلي محمد عمران
من مواليد دمشق عام 1979، خريج قسم النحت في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق عام 2000. نال درجة الماجستير من جامعة ليون، والدكتوراه في تاريخ الفن من جامعة ليون الثانية. قدم عُمران أعمالاً في مجالات النحت والرسم، وحتى فن الفيديو، ويُعتبر الإنسان المعذَّب بمثابة ثيمة رئيسية متكررة في إبداعاته.
اقرأ أيضاً: ليلى مريود والفن التشكيلي السوري
محمد عمران عن قرب من خلال معارضه
أقام العديد من المعارض المميزة والبارزة، والتي حملت العديد من الرسائل عبر أعماله وتصريحاته، وفي لقاء معه أثناء إقامته معرضه المميز “قزح آرت غاليري”، والذي ضم العديد من الرسومات بالأبيض والأسود، والعديد من الأعمال النحتية والذي تميز عبرها بأسلوبه النحتي عن بقيه الأعمال النحتية المطروحة في هذا المجال.
ترك بصمته الفنية على الساحة التشكيلية السورية، ففي معرضه المذكور كان الإنسان محور المفردات النحتية المعروضة وبسؤاله عن السبب والغاية أجاب: “الإنسان هو العنوان الرئيسي لهذا المعرض، فقد كان هاجسي منذ تخرجي من كلية الفنون الجميلة”.
فقد بدأ باستخدام الجسد بطرق تعبيرية مختلفة، وكان أقرب إلى الواقعية في صوغ أعماله، ثم بدأ بإدخال مفردات جديدة، فأدخل “الكرسي” وبدأ بصوغ علاقة الكرسي مع الإنسان، لفهم العلاقة بين مفهوم الثابت مع المتحول، برؤية فلسفية عميقة.
ويضيف الفنان عمران: “إلى هذه اللحظة، تبقى رؤيتي الفنية في منطقة الدراسة والبحث، أي لا توجد أشياء ثابتة أبداً في عملية التكوين الفني”.
وعن هويته الخاصة في الفن صرح: “بدأت الأعمال تأخذ هوية خاصة بها، بمعنى التمكُن أكثر في صياغة الشكل، وبنفس الوقت ازداد التشويه، والذي هو نتيجة لانعكاس البيئة والمحيط على الجسد البشري”.
وحالة التشويه كما وصفّها، هي حالة تعبيرية مثيرة للفنان تتجلى من خلال المبالغة في تقديم الجسد بصور جديدة ومختلفة.
الجدير بالذكر أن هذا المعرض نُفذ كمجموعة أساسية في 2007 قبل سفره إلى فرنسا لمتابعة دراسته.
وقد افتتحت صالة “دار الفنون” في الكويت، معرضاً فردياً للفنان التشكيلي السوري محمد عمران تحت عنوان “كائنات تطفو في العدم”.
في هذا المعرض عند تأمل أعمال الفنان بالمقارنة مع سابق ما قدمه، يمكن القول إن أعمال هذا المعرض قد شكلت خرقاً من ناحية لما قدمه سابقاً واستمراراً في ذات الوقت، حيث لا يزال الإنسان حاضراً بقوة في أعماله المطروحة فقد اكتظت اللوحات بالشخوص وتلاصق الملامح الخاصة، كذلك ما زالت خاصية الهدوء الغريب رغم كل اكتظاظ اللوحة حاضرة رغم وجود الجماعات!. لكنه لم يخرج عن منطق السخرية، وهذه المرة كانت أقل وطأة.
فقد بدت لوحاته أقرب إلى الخفة التي تحررت من آلام أقدارها ليس عن سابق تصميم، أو لأن الظروف تبدلت، بل لأن هؤلاء الأفراد، أي الحاضرون في لوحاته، تكيفوا مع المأساة، حسب تعبيره.
نجح في هذا المعرض أن يكون نصه الفني متعالي عن الجراح التي كانت تمر بها سوريا في ذلك الوقت، لأن بمعارضه السابقة كان تخبطه وألمه جلياً واضحاً في معظم لوحاته ومنحوتاته.
اقرأ أيضاً: المعرض السنوي للفنانين التشكيليين في حمص و30 عمل مقدم
أبرز معارضه والجوائز التي نالها
من معارضه المميزة والتي حفرت في الذاكرة:
-معرض الشباب السوري الثاني، صالة الشعب، دمشق، 2001.
– معرض الشباب السوري الثالث، صالة الشعب، دمشق، 2002.
– معرض ربيع الفن (برعاية شركة شل)، بيت نظام، دمشق، 2002.
– المركز الثقافي الفرنسي، دمشق، 2002.
– بينالي المحبة الدولي في مهرجان المحبة، اللاذقية، 2003.
– مهرجان السنديان الثقافي، طرطوس، 2003.
– معرض مع الفنان ياسر صافي (حفر)، صالة زارة عمّان، الأردن، 2004.
– معرض مع الفنان بسام البدر (تصوير ضوئي)، المركز الثقافي السوري، باريس، 2004.
وكرّم بالعديد من الجوائز، حيث نال:
-جائزة تقديرية، معرض الشباب السوري الثاني، 2001.
– الجائزة الأولى (النحت)، معرض الشباب السوري الثالث، 2002.
– الجائزة الكبرى، بينالي المحبة، اللاذقية، 2003.
– الجائزة الأولى (النحت)، مسابقة ألوان دمشق، صالة مصطفى علي، دمشق، 2005.
ختاماً، قدم محمد عمران للفن التشكيلي بصمة جديدة ومنوعه، يمكن لها أن تكون مرجع للعديد من الفنانين ومصدر إلهام لهم، كان يحمل أفكار تبدو غريبة لها طابع فلسفي تجاه الإنسان، ونجح في تجسيد ذلك في لوحاته فحاكى علاقة الجامد بالمتبدل بصوره صادمة تفتح أبعاد كبيرة حول الإنسان وكل ما يتخلله على مستوى الفكر والجسد.
اقرأ أيضاً: معرض “معتقلون ومغيبون” في المتحف الوطني