في خطوة نوعية مهمة، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني السوري، أمس السبت، عن تشكيل خلية أزمة خاصة لإدارة العمليات في مطار حلب الدولي، وذلك بعد قرار تحويل الرحلات الجوية من مطار دمشق إلى مطار حلب.
وتأتي هذه الخطوة لضمان أعلى مستويات الجاهزية والتنظيم في التعامل مع التطورات الميدانية، خاصة في ظل التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط… ومن المقرر أن يتوجه أعضاء خلية الأزمة اليوم الأحد إلى مطار حلب، حيث سيباشرون مهامهم على الأرض بالتنسيق الكامل مع إدارة المطار و الجهات المعنية كافة، مثل فرق الأمن والدفاع المدني والخدمات الأرضية.
كما أشارت الهيئة إلى أنه سيتم دعم مركز الاتصال بعدد من الموظفين المختصين الجدد، من أجل استجابة سريعة وتعامل دقيق مع استفسارات المسافرين والمواطنين، وتوفير المساعدة المطلوبة فيما يتعلق بالحجوزات، المواعيد، والتفاصيل التشغيلية الأخرى، مشددةً على التزامها الكامل بضمان استمرار حركة النقل الجوي بكفاءة وأمان.
وكانت الخطوط الجوية السورية قد أعلنت استمرار تعليق رحلاتها من مطار دمشق وتحويلها إلى مطار حلب، بسبب استمرار إغلاق الأجواء والممرات الجوية المؤدية إلى العاصمة، نتيجة التصعيد العسكري المتصاعد في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضاً: ما الآثار الاقتصادية للحرب الإيرانية «الإسرائيلية» على سوريا؟!
عودة مطار حلب للحياة
توقّف مطار حلب الدولي عن العمل قبيل سقوط النظام السوري السابق في كانون الأول 2024، وعاد تدريجياً إلى الخدمة بعد إعادة تأهيله، ففي 18 آذار الماضي، هبطت أول طائرة داخلية قادمة من مطار دمشق الدولي، معلنةً بدء تشغيل المطار رسمياً بعد جهود استمرت قرابة ثلاثة أشهر، ليصبح بذلك ثاني مطار مدني يعمل في البلاد بعد مطار دمشق منذ سقوط النظام.
وفي 23 آذار، شهد المطار نقلة نوعية باستئناف جزئي لحركة الطيران المدني الدولي، حين أطلقت الخطوط الجوية الأردنية أول رحلة تجريبية نحو حلب بعد انقطاع دام 14 عاماً، في خطوة تمهيدية لتسيير رحلات دورية منتظمة، وبالفعل، بدأت الشركة تسيير رحلاتها المنتظمة في أيار الماضي، لتصبح بذلك أول شركة طيران أجنبية تهبط في المطار بعد التغيرات في البلاد.
ولكن رغم استئناف الحركة فيه، غاب مطار حلب عن موسم الحج الذي انتهى مؤخراً، إذ لم تُسيّر منه أي رحلات إلى المملكة العربية السعودية، ما اضطر الحجاج القادمين من حلب للسفر عبر مطار دمشق.
ويعدّ مطار حلب من بين ستة مطارات داخلية في سوريا، ويخدم مناطق ومحافظات واسعة، أبرزها محافظة إدلب… وعلى مدى سنوات الحرب، تعرّض المطار لعشرات الغارات الجوية من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي والبوارج الإسرائيلية في البحر المتوسط، ما أدى إلى تعطيله المتكرر بسبب الأضرار التي أُلحِقت به.
اقرأ أيضاً: تعديلات جديدة على رسوم التأشيرات في سوريا.. ما الدوافع ومن المستفيد؟
مشروع جوي طموح
وفي محاولة لإحياء الدور الحيوي لمدينة حلب، أعلن محافظ المدينة عزام الغريب مؤخراً، عن مشروع خطة طموحة لإنشاء مطار دولي جديد بطاقة استيعابية ضخمة تصل إلى 15 مليون مسافر سنوياً، وقد جاء الإعلان خلال لقاء جمعه بأبناء الجالية السورية من مدينة حلب المقيمين في إسطنبول في 13 حزيران، وأشار حينها إلى أن العمل جارٍ على دراسة واختيار الموقع الأنسب للمطار.
الغريب أكد أن الخطوة تأتي في إطار رؤية مستقبلية لإعادة ربط حلب بالعالم الخارجي، إلا أن المشروع لا يزال في مراحله الأولية، إذ لم يُحدّد الموقع النهائي بعد.
ورجّحت مصادر أهلية لوسائل إعلام محلية أن يُقام المطار جنوب شرق المدينة، في منطقة سهلية بين قرى “اعبد” و”شامر” و”فاح”، وهي منطقة سبق وتم التخطيط لاستخدامها كموقع لمطار منذ عام 2010.
ولكن في الوقت الحالي، يعاني مطار حلب من إشكالات فنية ونقص في البنية التحتية، وتعاني الدولة بدورها من محدودية في الإمكانيات المالية… مصدر رسمي قال في تصريح إعلامي إن مشروع المطار الجديد لا يزال في إطار الدراسات، ولم يتحوّل بعد إلى خطة تنفيذية واضحة.
وأضاف: “نحن نتحدث عن طموح مشروع، لكن تنفيذ مطار بهذا الحجم يتطلب استثمارات ضخمة، والحكومة الآن تعاني من شح كبير في السيولة، ما يجعل من هذا المشروع حلماً مؤجلاً أكثر منه خطة قريبة”.
وبعد سنوات من الدمار، لا تزال أحياء حلب تعاني من تراكم الأنقاض، وتهالك الطرقات وشبكات الكهرباء والمياه، لذا يرى كثيرون أن الأولوية يجب أن تكون لإعادة الحياة الأساسية إلى المدينة قبل الانطلاق نحو مشاريع ضخمة بهذا الحجم.
جدير بالذكر أن الأرقام تشير إلى أن مطار حلب لا يستقبل سوى نحو مليوني مسافر سنوياً، ويواجه تحديات كبيرة منها محدودية المساحة، وقصور في الخدمات الأساسية.
خسائر قطاع الطيران في سوريا
وعلى مدار 12 عاماً، تعرّض قطاع الطيران السوري لأضرار جسيمة نتيجة توقف حركة المرور الجوية فوق الأجواء السورية، وبسبب العقوبات الغربية المفروضة على القطاع.
وقد قُدِّرت الخسائر المالية بنحو 480 مليون دولار من عائدات مفقودة منذ عام 2011، إضافة إلى 300 مليون دولار خسائر مباشرة في المعدات والمنشآت والرادارات بسبب الاستهدافات المتكررة.
وكان القطاع قد فقد حوالي 70% من إيراداته مقارنة بعام 2010، حيث كانت العائدات من الهبوط والعبور الجوي تتجاوز 50 مليون دولار سنوياً، ويتوقع الخبراء أن تصل الإيرادات إلى 100 مليون دولار سنوياً في حال عودة الحركة الجوية إلى مستويات ما قبل 2011.
ختاماً، أمام قطاع الطيران السوري تحديات هائلة، لكن الإصرار على التعافي والعمل المستمر يفتحان الطريق نحو مستقبل واعد.
اقرأ أيضاً: أجنحة تهبط وأخرى تنهض وتراهن.. ما جديد قطاع الطيران السوري؟!