تجارة الموت تنشط على الحدود بين الأردن وسوريا

تجارة الموت تقلق الأردن وعموم المنطقة، فالكبتاغون والمخدرات باتا على الحدود ما يجعلها دائماً مشتعلة. شكّل تهريب المخدرات بين سوريا والأردن أحد أخطر الملفات الأمنية في المنطقة، فتحولت على إثرها الحدود الممتدة بين البلدين لأكثر من 370 كيلومتراً إلى ساحة مفتوحة لعمليات التهريب المنظمة والتي تشمل الحبوب المخدرة، إضافةً إلى الأسلحة في بعض الحالات. في هذا المقال سنناقش قضية تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية – السورية، والتعاون الحالي بين البلدين.
متى نشط تهريب المخدرات بين سوريا والأردن
في عام 2011، نشطت عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية السورية بشكل ملحوظ مع بداية الحراك الشعبي في سوريا. وقد استغل المهربون الفوضى الأمنية وضعف الرقابة على الحدود وضعف دور الدولة السورية في الجنوب السوري لتنفيذ عمليات تهريب واسعة النطاق.
مع مرور الوقت، أصبحت هذه العمليات أكثر تنظيماً واستخداماً لتقنيات حديثة مثل الطائرات المسيرة (الدرون) لنقل المخدرات عبر الحدود، متجاوزين الطرق البريّة التقليدية ما دفع الأردن لتكثيف نشاطها الجوي.
يعتبر الأردن هدفاً رئيسياً لعمليات تهريب المخدرات القادمة من سوريا، لأسباب عدة، أولها الموقع الجغرافي الاستراتيجي إذ يشترك الأردن مع سوريا بحدود طويلة، مما يسهل عمليات التهريب عبر نقاط عدة، إضافةً إلى تزايد الطلب على المخدرات في بعض الدول المجاورة، مما يحفز المهربين على استخدام الأردن كطريق عبور.
وقف الأردن بحزم أمام هذه التجارة، فلم يعد خطر التهريب مجرد مسألة حدودية يجب ضبطها فقط، بل بات قضية أمن وطني أردني، تهدد الشباب والمجتمع والاقتصاد معاً.
استخدام الأردن كممر نحو دول الخليج، وأحياناً كسوق مستهدفة بحدّ ذاتها، جعل السلطات الأردنية تستنفر بكل طاقاتها لضبط الحدود ومكافحة عمليات التهريب والقضاء عليها. فهذا الواقع دفع عمّان إلى تعزيز وجودها العسكري على الحدود الشمالية وإلى تبنّي قواعد اشتباك جديدة لمواجهة المهربين الذين استخدموا تقنيات متطورة كالطائرات المسيّرة والسيارات المموهة.
مطلع العام الحالي 2025 قصفت طائرات حربية أردنية، منزلين في محافظة السويداء جنوبي سوريا، أحدهما يعود إلى شخص متهم بتجارة وتهريب المخدرات. وقالت مصادر إعلامية إن طيراناً حربياً يُرجح أنه أردني استهدف قرية “الشعاب” في بادية السويداء بغارتين، الأولى وسط القرية والثانية جنوبها. وأضافت المصادر أن الغارتين استهدفتا منزلين في قرية الشعاب، أحدهما يعود لأحد أبناء المنطقة، وهو من المتهمين بتجارة وتهريب السلاح والمخدرات بين سوريا والأردن.
اقرأ أيضاً: الأردن يتوعد بالتصدي بالقوة لعمليات التسلل وتهريب المخدرات والأسلحة المستمرة من سوريا
الاتفاق بين البلدين على ضبط الحدود والمكافحة
في عام 2023، اتفقت سوريا والأردن على تشكيل لجنة مشتركة لمكافحة تهريب المخدرات، واتفقا على عقد اجتماعها الأول في العاصمة الأردنية عمّان. وناقش بشار الأسد رئيس النظام السابق مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أثناء استقباله في دمشق، الخطر الذي يمثله تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، وأكد الجانبين حينها ضرورة التعاون في مواجهته، حسب بيان وزارة الخارجية الأردنية. في حين أكد وزير الخارجية الأردني أن تهريب المخدرات عبر سوريا إلى الأردن “خطر حقيقي يتصاعد”، و”لا بدّ من التعاون على مواجهته”، لافتاً إلى أن المملكة ستستمر في اتخاذ كل ما يلزم “لحماية أمنها الوطني من هذا الخطر”. حسب تعبيره.
أما مطلع العام الحالي 2025، أجرت عمّان ودمشق حوارات عديدة حول سبل ضبط أمن الحدود المشتركة، وذلك في زيارات متبادلة مع الجانب السوري تم التوافق خلالها على تنسيق أمني رفيع المستوى. في سياق متصل، أُعلن في مؤتمر دول الجوار السوري المنعقد في عمّان في شهر آذار الماضي، عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة لدعم استقرار سوريا ومكافحة الإرهاب تضم كل من، الأردن وتركيا والعراق ولبنان وسوريا ومصر.
قال مصدر حكومي أردني رفيع المستوى، إن الحدود الأردنية – السورية البالغ طولها حوالي 378 كيلومتراً، ما تزال تشهد محاولات عديدة للتهريب، وإن الأمن الأردني يُحبط الكثير منها، ويضبط كميات كبيرة من المخدرات. وأضاف إن “المحاولات تتم عن طريق عصابات المخدرات، أو أفراد مرتبطون بعلاقات سابقة مع جهات منظمة داخل الأراضي السورية”.
في حزيران المنصرم من العام الحالي، وفي خطوة لافته وُصفت بأنها تطور نوعي في مستوى التنسيق الأمني بين عمان ودمشق، كشفت إدارتا مكافحة المخدرات في الأردن وسوريا، في بيان مشترك، أبرز أطر التعاون والتنسيق الميداني والاستخباراتي لمواجهة شبكات التهريب والاتجار بالمخدرات على الحدود المشتركة بين البلدين.
حسب البيان، تمكنت الفرق المختصة، بفضل التنسيق الميداني المباشر وتبادل المعلومات الاستخبارية بين الجهات المختصة من الجانبين، من إحباط سبع محاولات تهريب عبر الحدود المشتركة خلال الفترة الأخيرة، وضبط ما يقارب مليون حبة مخدرة كانت معدة للتهريب والترويج في عدد من دول الإقليم.
آخر مستجدات التعاون بين سوريا والأردن لضبط الحدود
خلال الأسبوع الحالي عُقدت في العاصمة الأردنية عمان مباحثات رسمية بين وزارتي الداخلية السورية والأردنية، تركزت على التعاون الأمني ومكافحة الجريمة وضبط الحدود، إلى جانب تسهيل حركة عبور الأفراد والبضائع.
ترأس الجانب السوري وزير الداخلية “أنس خطاب”، بحضور رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية “قتيبة بدوي”، ومن الجانب الأردني وزير الداخلية “مازن الفراية”، ومدير الأمن العام الأردني اللواء “عبيد الله المعايطة”، وعدد من كبار الضباط والمسؤولين من الجانبين.
في تغريدة عبر منصة “إكس”، قال وزير الداخلية السوري إنه بحث مع نظيره الأردني “آفاق التعاون الأمني بين البلدين وسبل تعزيز التنسيق في عدة مجالات، أهمها ضبط الحدود ومكافحة المخدرات والتعاون في التدريب وتبادل الخبرات الأمنية بما يخدم أمن واستقرار الشعبين”.
يأتي هذا اللقاء وسط تزايد التنسيق الأمني بين دمشق وعمّان خلال الأشهر الأخيرة، تحديداً بعد أن شهدت الحدود السورية – الأردنية محاولات متكررة للتسلل وتهريب المخدرات، رغم انخفاض حدّتها كثيراً منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024.
اقرأ أيضاً: إعدام مواطنين سوريين هرّبا مخدرات إلى السعودية

