سياسة

بين التوتر والزيارة: كل ما نعرفه عن الأحداث الأخيرة بين قسد والحكومة السورية

شهدت مناطق شرق وشمال شرقي سوريا توتراً متزايداً بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أسفر عن تحشيد عسكري من الطرفين، مع تبادل الاتهامات بخرق الاتفاقات السابقة. يأتي هذا التصعيد بالتوازي مع مفاوضات تجري في دمشق بين الحكومة السورية ووفد من “الإدارة الذاتية” لبحث قضايا اللامركزية ومستقبل تلك المناطق، وسط ضغوط إقليمية ودولية تزيد الموقف تعقيداً.

تحذيرات وزارة الدفاع السورية وتبادل للاتهامات

وجهت وزارة الدفاع السورية تحذيراً شديد اللهجة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ملوّحة بـ”عواقب جديدة” إذا استمرت في عمليات التسلل، والقصف، والاستفزازات التي تستهدف عناصر الجيش السوري والأهالي في مدينة حلب وريفها الشرقي، وطالبت الوزارة “قسد” بضرورة الالتزام بالاتفاقات الموقعة مع الدولة السورية، وذلك على خلفية اشتباكات اندلعت شرق حلب فجر الثلاثاء.

ويأتي هذا الموقف في وقت يزور فيه وفد من “الإدارة الذاتية” العاصمة دمشق لإجراء اجتماعات مع الحكومة السورية، وسط توقعات باستمرار الزيارة حتى يوم الخميس، وفق مصادر مطلعة في دمشق.

وقد أعلنت وزارة الدفاع أن مجموعتين تابعتين لـ”قسد” حاولتا في الساعة 02:35 فجراً التسلل إلى نقاط انتشار الجيش العربي السوري في منطقة تل ماعر شرق حلب، ما أدى إلى اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل جندي سوري. وذكرت أن وحدات الجيش، وضمن قواعد الاشتباك، ردت على مصادر النيران، وأفشلت عملية التسلل، وأجبرت القوات المتقدمة على الانسحاب إلى مواقعها الأصلية.

واتهمت الوزارة “قسد” بمواصلة التصعيد واستهداف مواقع الجيش في منبج ودير حافر بشكل متكرر، إضافة إلى إغلاق بعض طرق مدينة حلب بشكل متقطع وشبه يومي من مواقع سيطرتها قرب دوار الليرمون، متجاهلة جميع التفاهمات المبرمة مع الحكومة السورية.

في المقابل، أصدرت “قسد” بياناً اتهمت فيه الجيش السوري بتنفيذ تحركات “استفزازية ومشبوهة” في محيط بلدة دير حافر وأحياء الشيخ مقصود والأشرفية، مشيرة إلى أن قواتها ملتزمة بالصبر وعدم الرد، لكنها حذرت من أنها ستضطر للرد دفاعاً عن النفس إذا استمرت تلك التحركات، ودعت دمشق إلى ضبط سلوك “العناصر المنفلتة” تجنباً لانهيار الاتفاقيات.

مفاوضات دمشق حول اللامركزية

كشفت مصادر كردية أن لقاءً عُقد في دمشق مساء الاثنين بين المسؤولة البارزة في الإدارة الذاتية إلهام أحمد ووزير الخارجية أسعد الشيباني، بناءً على طلب الحكومة السورية، وتركزت النقاشات على إيجاد صيغة مناسبة لتطبيق اللامركزية دون تحديد جدول زمني لذلك، مع التأكيد على استمرار العملية التفاوضية عبر لجان سورية _ سورية وبإشراف دولي، واستبعاد الخيار العسكري.

ووفق مصادر في دمشق، طلب الجانب الكردي تهدئة التوتر، خاصة في أوساط العشائر، بينما شددت دمشق على ضرورة التزام “قسد” بتنفيذ بنود الاتفاق وتسليم مناطق دير الزور والرقة. كما أبدت الحكومة بعض المرونة بشأن مطلب اللامركزية، مع اقتراح صيغة توافقية، إلا أن انعدام الثقة بين الطرفين ما زال يشكل عقبة أمام تقدم المفاوضات.

تعطيل اجتماع باريس وضغوط تركية

كان من المقرر أن يلتقي الطرفان في باريس منتصف الشهر الجاري، استكمالاً لاتفاق وُقّع في 10 آذار بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي برعاية أمريكية، والذي نصّ على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية.

لكن دمشق أعلنت السبت الماضي أنها لن تشارك في أي اجتماعات في باريس، معتبرة أن المؤتمر الموسع الذي نظمته “قسد” في الحسكة يمثل “ضربة” لجهود التفاوض.

وانعقد مؤتمر “قسد” تحت عنوان “وحدة موقف المكونات في شمال شرقي سوريا” يوم الجمعة الماضي في مدينة الحسكة، بمشاركة شخصيات دينية وعشائرية، منها شيخ عقل طائفة الدروز في السويداء حكمت الهجري، ورئيس “المجلس الإسلامي العلوي الأعلى” غزال غزال، واعتبرت مصادر حكومية سورية أن هذا المؤتمر يعكس عدم جدية “قسد” في التفاوض، ويشكل تصعيداً خطيراً قد ينعكس سلباً على المفاوضات.

وبحسب موقع “المونيتور”، مارست تركيا ضغوطاً على دمشق لإلغاء اجتماع باريس، حيث كانت زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأخيرة إلى دمشق تهدف جزئياً إلى إقناع الحكومة السورية بالانسحاب من الاجتماع، مما عطل جهود التسوية التي ترعاها الولايات المتحدة وفرنسا.

اقرأ أيضاً: مؤتمر باريس: قرار هام لدعم سوريا ورفع العقوبات عنها

خلافات مستمرة ورؤية متباينة

رغم عقد عدة جولات تفاوض، لم يحرز اتفاق 10 آذار أي تقدم ملموس، فيما وجهت “الإدارة الذاتية” انتقادات لدمشق بشأن الإعلان الدستوري وتشكيل حكومة لا تعكس التنوع، مؤكدة تمسكها باللامركزية السياسية. وفي ظل هذا المشهد، تظل مناطق شرق وشمال شرقي سوريا ساحة للتوترات الميدانية والتجاذبات السياسية، مع تدخلات إقليمية ودولية تزيد من تعقيد فرص التوصل إلى تسوية نهائية.

اقرأ أيضاً: باريس على خط مفاوضات قسد ودمشق: ما سرّ الدور المفاجئ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى