بعد سنوات طويلة من الحرب، تفتح سوريا أبوابها لكل مستثمر يحمل مشروعاً وفكراً يُنير عتمة هذا الوطن، ويرسم أملاً للسوريين بمستقبل أفضل، أكثر نجاحاً وتقدماً. وبما أن سوريا هي ملكة الدراما العربية وعرّابتها، وبما أن الإعلام جزء لا يتجزأ من هوية الوطن، جاء مشروع “بوابة دمشق” كحلم وقع بخفة على آذان السوريين، يعدهم بإعلام وفن عريق يليق بأقدم عاصمة في التاريخ.
بوابة دمشق…مشروع العمر بأربعة أقسام
شهد قصر الشعب، وبحضور رسمي رفيع المستوى، توقيع اتفاقية مشروع العمر في مجال الإعلام والإنتاج الفني، بين الحكومة السورية وشركة “المها الدولية”، وتنص الاتفاقية على إنشاء مدينة للإنتاج الإعلامي والفني بمواصفات عالمية تحت اسم بوابة دمشق، تمتد على مساحة مليوني متر مربع من دمشق إلى ريفها، بتكلفة تُقدّر بمليار ونصف المليار دولار.
تتكوّن “بوابة دمشق” من أربعة أقسام رئيسية أولها الاستديوهات الخارجية التي تضم تسعة نماذج تحاكي أعرق الشوارع والأحياء العربية، وجميعها معدّة لتصوير الأعمال الدرامية، مثل حي مكة المكرمة والمدينة المنورة في السعودية، حي القيروان في مراكش، حي القاهرة، حي القدس، وأحياء دمشق القديمة.
أما القسم الثاني فسيضم الاستديوهات الداخلية المخصصة للبث الإذاعي والتلفزيوني عالي الدقة، وستُجهز بأحدث التقنيات الرقمية والمؤثرات البصرية، والقسم الثالث سيشمل الدعم الفني واللوجستي ويحتوي على ديكورات وإكسسوارات التصوير اللازمة، إلى جانب الورش الفنية.
بينما سيكون القسم الرابع مخصص للعمال ومكان لإقامتهم ويتضمن فنادق ومكاتب تدريب، ومساحات مخصصة لشركات الإنتاج والقنوات الفضائية، مما يجعلها بيئة عمل متكاملة.
فرص العمل والتأثير الإقليمي
بحسب وزير الإعلام سيوفّر المشروع 4,000 وظيفة دائمة، و9,000 فرصة عمل موسمية، وسيُعيد عبره تموضع سوريا على الخارطة الفنية والإنتاجية العربية.
أما المدير العام لشركة المها الدولية، محمد سامي العنزي، فأكد أن المشروع يليق بتاريخ دمشق الإنساني والحضاري، مشيراً إلى أن الشركة وجدت في سوريا البيئة المناسبة للاستثمار، بفضل التسهيلات الحكومية، وأضاف أن تنفيذ المشروع يتطلب فرقاً عالمية، ويتوقع أن تكتمل أعمال البناء خلال 5 إلى 7 سنوات، مشدداً على أن الشركة تموّل المشروع، لكنها لا تتحكم بزمن إنجازه، إذ إن التنفيذ بيد القائمين عليه.
اقرأ أيضاً: من بداية خجولة إلى القمة: كيف أصبحت الدراما السورية سيدة الشاشات؟
سوريا… بلد الحضارات والإبداع الفني
دمشق لم تكن يوماً إلا مهداً للحضارات ومنبراً للثقافة، ولا ننسى حين تم اختيارها عاصمة للثقافة العربية عام 2010، فالتاريخ لا يُنسى، لا سيما تاريخ دمشق العريق.
وتعليقاً على أهمية المشروع، قال العنزي في كلمته:
“على بُعد كيلومترات من هذا القصر، وُلدت أول أبجدية عرفتها البشرية، وعلى هذه الأرض، خطّ الإنسان أولى حروفه، التي تحولت لاحقاً إلى حضارات وتراث إنساني، لا يزال نوره يهدي العقول والأمم، ومن دمشق الفيحاء، أقدم عاصمة مأهولة على وجه الأرض، انطلقت جحافل النور فصنعت المعرفة ونشرت الثقافة، وأنتجت علماء وأدباء ومفكرين، فجعلت منها بوابة حضارية لا تُغلق ومركزاً مؤثراً لا يغيب.”
لن يكون الإعلام السوري في نسخته الجديدة مجرّد ناقل للخبر، بل سيكون شريكاً فاعلاً في التنمية، نابعاً من الهوية الثقافية والحضارية، ومعبراً عنها، وسيخدم المصلحة العامة ضمن إطار حكومي يضمن ذلك، كما أن الانفتاح سيكون مدروساً، والخطوات محسوبة، لضمان نتائج ناجحة.
ستكون “بوابة دمشق” بنية تحتية استراتيجية، ونقطة جذب لأي قناة محلية أو عربية ترغب بالعمل من سوريا، وفقاً لوزير الإعلام، كما كشفت الوزارة عن خطة لإنتاج 25 عملاً درامياً خلال العام الجاري ضمن المشروع.
شركة المها الدولية… خلف المشروع
يقف خلف هذا المشروع رجل الأعمال الكويتي محمد سامي العنزي، رئيس مجلس إدارة شركة “المها الدولية”، والوجه المعروف في مجال الإنتاج الدرامي والفني لأكثر من عشر سنوات.
العنزي يشغل أيضاً منصب المدير العام والشريك المؤسس لشركة “المها الأولى للإنتاج الفني” في السعودية، ويملك نصف رأس مال “المها الدولية” في سوريا.
في عام 2011، أطلق العنزي عدة مشاريع إنتاجية، منها عمل درامي وسينمائي حول سيرة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، بميزانية بلغت خمسة ملايين دولار، واليوم، ينقل طموحه إلى دمشق، واصفاً “بوابة دمشق” بأنه مشروع ثقافي واستثماري غير مسبوق، موجّهاً دعوة مفتوحة للمستثمرين العرب والخليجيين للدخول إلى السوق الإعلامية السورية.
ختاماً، الإعلام والدراما وجهان لعملة واحدة، ويجب أن يتحلّيا بالانفتاح والتنوع لنقل حضارة بلاد الشام الغنية، و”بوابة دمشق” مشروع يُجدد الأمل بسوريا متقدمة، جامعة لحضارات العالم، تحمل رسالة الفن والثقافة إلى مستقبل يعكس هوية هذه الأرض، ويليق بتاريخها العريق.
اقرأ أيضاً: وزير الإعلام مع المنتدى السوري: خطاب الكراهية والشائعات أكبر التحديات