بعد تحذيرات الفاو في سوريا: الزراعة تتدخل بتسهيلات للمزارعين

إعداد: ريم ريا
بعد تحذيرات أطلقتها منظمة الفاو في سوريا حول الأمن الغذائي المرتبط بموجات الجفاف التي ضربت المزارعين ومحاصيلهم في سوريا، الحكومة السورية تتحرك بوزاراتها المعنية من أجل الوقوف مع المزارعين في محنتهم الصعبة، وتقديم الدعم لهم ومحاولة التعاون لإنهاء هذه المحنة وتخفيف الخسائر. في هذا المقال سنعرض ما قدمته الحكومة لمساعدة المزارعين في سوريا، وما أبرز ما حذرت منه الفاو من خطر على الأمن الغذائي.
تحذيرات الفاو في سوريا.. وآلام المزارعين
نقلت وكالة “رويترز” للأنباء عن ممثل منظمة “الفاو” في سوريا، “توني إيتل”، قوله محذراً في شهر أيار الماضي من العام الحالي 2025، أن الوكالة تتوقع نقصاً حاداً في الغذاء يبلغ 2.7 مليون طن من القمح هذا العام، وهو ما يكفي لإطعام 16.3 مليون شخص على مدى عام واحد، وسلط تقرير صادر في الشهر ذاته، عن “فاو”، الضوء على الزيادة الحادة في الجوع في العالم، بسبب النزوح القسري، وموجات الشفاف.
كما قالت المنظمة إن ما يقارب 95 مليون نازح قسراً، بمن فيهم النازحون داخلياً وطالبو اللجوء واللاجئون، يعيشون في بلدان تواجه أزمات غذائية من بينها سوريا.
أما على الصعيد الداخلي بشكل خاص، ما أثار مخاوف لدى المزارعين، هو موجة الجفاف التي أضرّت بمحاصيلهم، وأعربوا عن قلقهم من التأثيرات المحتملة على الأمن المائي والإنتاج الزراعي، وانخفضت معدلات الأمطار بنسبة تجاوزت 45% عن السنوات الماضية، ومعظم المساحات التي تمتد عليها مناطق الاستقرار الزراعي باتت قاحلة أو شبه قاحلة، حسب المديرية العامة للأرصاد الجوية السورية.
بالإضافة لما أصاب منابع المياه، شهد نهر العاصي جفافاً لأول مرة منذ ما يقارب نصف قرن، حيث أثر جفاف المنبع في جبل لبنان أو الروافد الأخرى بشكل مباشر على غزارة المياه. جفاف العاصي أثر بشكل مباشر على ريّ الأراضي الزراعية، ودفع الأهالي إلى استغلال ذلك بصيد الأسماك الأمر الذي ينذر بكارثة فقدان الثروة السمكية كذلك.
اقرأ أيضاً: الزراعة البعلية في سوريا تحت سطوة الجفاف
التحرك الحكومي في سوريا: نجدة المزارعين
ناقشت الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية السورية، أمس السبت 27 من أيلول الجاري، مع كل من وزراء الزراعة أمجد بدر والطاقة محمد البشير والمالية محمد برنية، الاستعدادات الزراعية للموسم الشتوي المقبل، وسبل دعم المزارعين لضمان استمرارية الإنتاج الزراعي، وذلك وسط أزمة الجفاف.
بدوره وزير الزراعة “أمجد بدر”، استعرض الوضع الحالي للقطاع الزراعي والتحديات التي تواجهه، مؤكداً على ضرورة توفير مستلزمات الإنتاج الأساسية مثل المحروقات والأسمدة والمبيدات. أما وزير المالية السيد “محمد يسر برنية” أعرب عن استعداد وزارة المالية لتأمين التمويل اللازم فور استلام الدراسة المقترحة. وأكد وزير الطاقة المهندس “محمد البشير” على جاهزية الوزارة لتوفير مصادر الطاقة الممكنة لدعم القطاع.
ضمن الاجتماع تم اقتراح تقديم قروض حسنة بدون فوائد للمزارعين لمساعدتهم، على أن تقوم وزارة الزراعة بإعداد دراسة مفصلة تحدد المستفيدين وآليات التوزيع المناسبة، ليتم عرضها لاحقاً على الجهات المعنية للموافقة عليها. آلية عمل هذه القروض: ستعمل على تمكين المزارعين من تأمين مستلزمات الإنتاج الأساسية، بما في ذلك البذار والأسمدة والوقود والمبيدات الحشرية، مع التركيز على دعم الزراعات الاستراتيجية مثل القمح والشعير والقطن، التي تعد من أهم ركائز الأمن الغذائي في سوريا. وتوّفر هذه القروض بضمانات شخصية أو عينية، ما يسهل على المزارعين الصغار الحصول على التمويل اللازم لبدء الموسم الزراعي دون تحمل أعباء الديون والفوائد المرتفعة.
المصرف الزراعي بدوره متصدر المشهد بدعم المزارعين، إذ يواصل المصرف الزراعي التعاوني دوره بتقديم الدعم للقطاع الزراعي، حيث يعمل على خفض أسعار الأسمدة، كما يواصل صرف مستحقات الفلاحين لقيم محاصيلهم، ما يعزز ثقة المزارعين في المؤسسات الحكومية، ويوفر لهم الحافز لمواصلة الإنتاج. فيما جرى الاتفاق في ختام الاجتماع على عقد جلسة متابعة الأسبوع المقبل لمراجعة تنفيذ التوصيات، وضمان التزام الوزارات بتنفيذ الخطوات المتفق عليها.
اقرأ أيضاً: الجفاف وقلّة القمح يحاصرون مربي المواشي والمزارعين في المناطق الشرقية
تجارب مشابهة في المحرر في سوريا ونتائجها
هناك تجارب مماثلة كانت في سوريا في الماضي القريب قبل التحرير، وكان لها نتائج لا بأس بها وإن لم تكن حاسمة للمشكلة بشكل كلّي، إلاّ أنها كانت مُحسنة للوضع المتأزم بطريقة أو بأخرى.
كانت حكومة الإنقاذ في المنطقة المحررة في إدلب عام 2021، قد أعلنت عن منحها “قرضاً عينياً حسناً” للمزارعين في إدلب، وذلك لتحقيق ما قالت وقتها إنّها “متطلبات الأمن الغذائي”، ونشرت وزارة الزراعة والري في “حكومة الإنقاذ” عبر موقعها الرسمي بياناً قالت فيه إنّ “القرض يهدف إلى دعم محصول القمح لموسم 2021 -2022”. وأضافت أن القرض يشمل كل مستلزمات زراعة القمح من بذار وأسمدة ومحروقات ومبيدات، وأشار البيان إلى أن قيمة القرض يتم تسديدها بعد حصاد المحصول بشكل نقدي.
التحديات الأولية التي يمكن أن تواجه هذه المبادرة
رغم جمالية تلك المبادرة، وكونها إسعافية في ظل الخناق الحالي الذي يفرضه الجفاف على المزارعين، إلاّ أن هناك بعض الإشكاليات يمكن أن تظهر، مثل التحديات في تطبيق آلية القروض على نطاق واسع، من الأسباب التي يرجع لها صعوبة التطبيق هو تأمين الطاقة الكهربائية الذي يعد أبرز التحديات التي يمكن أن تزيد التكاليف التشغيلية للمشاريع الزراعية، وتؤثر على كفاءة الإنتاج من جهة، من جهة أخرى ما زال هناك روتين حكومي في مؤسسات الدولة، ما قد يؤدي إلى بطئ إجراءات الاستعلام المركزي، فربما ينعكس ذلك على القروض فيتأخر صرفها فيزيد الضرر على المزارعين والخسائر تتضاعف، ما يتطلب من الجهات المعنية الوقاية من هذه العثرات والسرعة في معالجتها.




