تخيلات وآمال كثيرة ترسمها الحكومة السورية في أذهان السوريين عن سوريا الجديدة التي تحتضن ناطحات سحاب، ومشاريع عالمية، وأبنية حديثة تنتشل البلد من واقعها المدمر. ضمن هذا السياق بدأت التقارير الإعلامية – العربية والأجنبية – تتحدث عن نية الحكومة بناء برج ترامب في دمشق بمساعدة أحد رجال الأعمال السوريين، بوصفه واحداً من هذه التخيلات والآمال.
قد لا يحتاج الرئيس الأمريكي ترامب الذي تُقدر قيمة ثروته بنحو 10 مليار دولار إلى بناء يحمل اسمه في سوريا، لكن وفقاً لما ذهب إليه الإعلام، وتحديداً صحيفة الغارديان البريطانية، وجدت الحكومة السورية في هذه المبادرة لنفسها طريقاً للفت انتباهه وكسب وده عن طريق بناء برج باسمه، في حين وجدت وسائل الإعلام في هذا الخبر فكرة دسمة للترويج لأحلام السوريين ببلد مزدهر.
فكرة بناء برج ترامب لم تكن جديدة، أو وليدة اللحظة التي رُفعت بها العقوبات عن البلد المدمر، بل تم طرحها سابقاً من قبل عضو البرلمان الأمريكي الجمهوري جو ويلسون Joe Wilson أمام الكونغرس، ليلتقطها الرئيس الشرع ويحاول التودد لترامب عن طريقها، فبحسب صحيفة الغارديان التي أجرت لقاء مع رجل الأعمال السوري وليد الزعبي قال أن الشرع طرح فكرة بناء البرج عليه في محاولة لاستمالة ترامب، وأشار الزعبي أنه قبل العرض.
ترافق الإعلان عن الرغبة في بناء البرج مع مجموعة امتيازات قدمتها الحكومة السورية للولايات المتحدة الأمريكية كبوادر لحسن النية ومنها إمكانية الوصول إلى النفط السوري والاستثمار فيه، بالإضافة إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل، وفتح الآفاق للامتيازات الأجنبية للعمل في سوريا، وتأتي هذه الخطوة ضمن خطط الحكومة السورية للنهوض باقتصاد البلد المنهك.
وأشارت العديد من الصحف أن البرج قد يتكون من 49 طابق قابل للزيادة أو النقصان، وبتكلفة تصل من 100 إلى 200 مليون دولار، وأكد الزعبي للغارديان أن هذا المشروع لم يكن ليتحقق دون رفع العقوبات التي شكلت العائق الأكبر، أما الآن فالطريق مفتوح أمام تنفيذه الذي يستغرق ثلاث سنوات، لكن بعد الحصول على الموافقات المطلوبة من قبل الحكومة السورية، وأيضاً الحصول على الموافقة من قبل شركة ترامب لاستخدام علامتها التجارية، لذا سيتوجه الزعبي في أقرب وقت لدمشق للقيام بالمطلوب، وتعقيباً على ذلك قال الزعبي:”هذا المشروع هو رسالتنا، فهذا البلد الذي عانى وأنهك شعبه لسنوات عديدة، وخصوصاً خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة من الحرب، يستحق أن يتخذ خطوة نحو السلام”.
وبالنظر لحجم الثروة التي يمتلكها، لن يكون بناء البرج صعب على مالك سلسلة تايغر في الإمارات وليد الزعبي والذي تُقدر ثروته ب5 مليار دولار، إذ يملك 270 مشروع في أنحاء الشرق الأوسط، كما أنه يعمل على بناء برج “تايغر سكاي” الذي تبلغ تكلفته مليار دولار، ويُتوقع أن يضم أعلى مسبح في العالم.
أما فيما يخص تصميم برج ترامب فقد طرح الكاتب السوري رضوان زيادة المعروف بقربه من الرئيس الشرع تصميم البرج وشكله لوزير الخارجية أسعد الشيباني أثناء وجوده في أمريكا في 30 نيسان، وقد أُعجب جداً بهذه التصاميم، وقام بدوره بتسليمها للسفير السعودي بدمشق على أمل أن تصل إلى فريق ترامب أثناء زيارته الرياض، وقال زيادة للشيباني: “هكذا تستميل قلب ترامب وعقله”.
وكان زيادة واثق من نجاح استراتيجيته في لفت انتباه ترامب بعد أن نشر الأخير في شباط الماضي فيديو افتراضي لتحويل غزة إلى ريفييرا ويتوسطها برج ترامب، بعد أن يتم تهجير الفلسطينيين منها.
اقرأ أيضاً: رحلة الظل إلى دمشق: من هم مبعوثو ترامب وما هدفهم؟
برج ترامب حول العالم
بُني أول برج يحمل اسم برج ترامب الدولي في منهاتن مدينة نيويورك على يد المهندس المعماري اليوناني كوستاس كونديليس، ويبلغ ارتفاعه 861 قدم ويحتوي على 72 طابق، وبدأ بناؤه في عام 1999 وانتهى في عام 2001، وبقي تصنيفه كأطول برج في العالم لفترة وجيزة قبل بناء برج خليفة في دبي، بينما بلغت تكلفته حوالي 300 مليون دولار.
كما شُييد برج وفندق ترامب العالمي في شيكاغو من قبل المصمم المعماري أدريان سميث Adrian Smith وهو المعماري الذي صمم برج خليفة وبرج جدة، ويبلغ ارتفاعه 423 م، ويعد ثاني أطول مبنى في شيكاغو Chicago والولايات المتحدة بعد برج ويليس والعاشر عالمياً، كما يوجد فندق ترامب في لاس فيغاس Las Vegas.
أما خارج الولايات المتحدة الأمريكية فتسابقت الدول لكسب رضى البيزنس مان ترامب، فتم بناء برج باسمه في كل من إسطنبول في تركيا، ومومباي في الهند، والسعودية التي دشنت العام الماضي مبنى سكني ضخم باسم برج ترمب جدة الذي يضم 350 وحدة سكنية، وبارتفاع يصل إلى 200 متر على امتداد 47 طابقاً.
بينما هناك مشاريع قيد التطوير والتخطيط لبناء برج ترامب في الإمارات، وجاء هذا القرار هذا العام، إذ أعلنت منظمة ترامب» و «دار جلوبال» عن خطط لبناء فندق وبرج ترامب الدولي في دبي، وسيصل ارتفاع ناطحة السحاب إلى 350 متراً، مما يجعله أحد أطول المباني في المدينة.
كما تم الإعلان عن بناء برج ترامب كأول منشأة تحمل هذا الاسم في قطر من قبل شركة الديار القطرية ودار غلوبال للتطوير العقاري، وتبلغ تكلفته 5.5 مليار دولار، وتزامن الإعلان عن هذا المشروع مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخليج.
في النهاية، تتأمل الحكومة السورية أن يجذب مشروع بناء برج باسم ترامب أن يجذب الأنظار نحو العاصمة دمشق لبدء الدول الأجنبية استثماراتها فيها.
اقرأ أيضاً: لا تحتاج سوى 5 دقائق.. سوريا تعرض «صفقة تاريخية» على ترامب!