العنب السوري بين درعا واللاذقية .. ما المشكلات التي تواجهه

تنتشر زراعة العنب السوري في سوريا في العديد من المناطق المختلفة، مع تركز ملحوظ لها في كل من: ريف دمشق وحمص واللاذقية ودرعا والسويداء، وبعض المناطق تتميز بإنتاج أنواع مميزة من العنب، مثل منطقة “داريا” التي تشتهر بإنتاجها للعنب البلدي، كما وأنها تلقب بعاصمة العنب، لتأتي السويداء وتتباهى بإنتاجها للدبس والزبيب من العنب، إذ تعتبر من المناطق التي تتوارث فيها صناعة الدبس.
في مقالنا هذا سنتناول الحديث عن زراعة العنب في كل من درعا واللاذقية، وما تواجهه زراعة العنب من مشكلات في سوريا.
زراعة العنب السوري في محافظتي درعا واللاذقية
في درعا، بدأ موسم القطاف والتسويق للعنب، فهو يبدأ أول شهر آب من كل سنة، لكن انخفاض الإنتاج بشكل ملحوظ كان مخيب للآمال مقارنة بالسنوات الماضية، يرجع ذلك للظروف المناخية القاسية، أبرزها الجفاف وتراجع معدلات الهطل المطري خلال الشتاء الفائت.
المساحات المزروعة لم تحصل هذا العام على نصيب كافٍ من مياه الري، بعد تراجع مخزون السدود والينابيع والآبار، ما انعكس بشكل مباشر على الإنتاجية، ورغم هذا التراجع الكبير، ينظر المزارعون بإيجابية إلى الأسعار الحالية للعنب التي تراوحت في الأسواق بين 5 و7 آلاف ليرة للكيلو على خلاف الأعوام الماضية، آملين أن تحافظ على هذا المستوى لتعويض جزء من خسائرهم الناجمة عن انخفاض الكميات.
العنب يحتاج إلى سقاية بشكل أسبوعي، وهو أمر بات متعذراً في ظل جفاف مصادر المياه، ما دفع العديد من المزارعين إلى التوجه نحو زراعة محاصيل أقل استهلاكاً للمياه مثل الزيتون والرمان، خاصة مع دخول أشجار العنب مرحلة الهرم حيث لا يستمر إنتاجها الغزير أكثر من 30 عاماً.
بدوره أفاد رئيس دائرة التخطيط والتعاون الدولي في مديرية الزراعة بمحافظة درعا “حسن الأحمد”: “المساحة المزروعة بالعنب في المحافظة تقدر بنحو 600 هكتار، تضم حوالي 300 ألف شجرة”، وأشار إلى أن التقديرات الأولية للإنتاج تبلغ 7 آلاف طن، أي بتراجع يقارب 40% مقارنة بمتوسط الأعوام القليلة الماضية الذي بلغ نحو 12 ألف طن، في حين تتجاوز نسبة التراجع 85% عند مقارنتها بما كانت عليه قبل عقد من الزمن حين بلغ الإنتاج نحو 50 ألف طن.
وفي تصريح لأحد الوسائل الإعلامية المحلية صرّح أحد المزارعين الذي يملك بستاناً مساحته 20 دونماً، أنّه كان يجني سنوياً كميات جيدة من العنب، إلا أن إنتاج هذا الموسم تراجع إلى النصف تقريباً، مضيفاً أن معظم الأشجار باتت مهددة باليباس بسبب استنزاف المخزون الجوفي وشحّ الأمطار.
أما ريف اللاذقية، فيشهد تحولاً زراعياً لافتاً ومخيفاً بعض الشيء، حيث يتجه عدد كبير من المزارعين لاستبدال زراعة العنب البلدي بأصناف فرنسية، خصوصاً التي تتميز بإنتاج أوراق عنب ناعمة ومرغوبة لأغراض الطهي، فتنشط في الساحل السوري زراعة ورق العريش وبيعه.
هذا التغيير يطرح تساؤلات عديدة حول ما إذا كان مجرد صيحة زراعية عابرة!، أم أنه يعكس تحولات اقتصادية عميقة؟ وتغيرات في طلب السوق فما الدوافع لذلك؟
حسب تقارير، إن التوجه نحو زراعة العنب الفرنسي في الساحل السوري ليس وليد الصدفة، بل هو استجابة مدروسة لحسابات اقتصادية دقيقة، ترجع لطلب السوق المحلي المتزايد، لكن يبقى التمسك بالعنب البلدي كدفاع عن النكهة الأصيلة والهوية الثقافية، وهو ما يجب أن يتم التشجيع عليه والمحافظة عليه.
قدم المهندس الزراعي “باسل ديبة”، المتخصص في المحاصيل المتوسطية، رؤية حول الصنف الجديد المعتمد، فوّضح لوسائل إعلام محليه أن صنف العنب الفرنسي المستخدم حالياً هو أحد الهجن المستوردة خصيصاً لأوراقها لا لثمارها، ويتميز بسرعة نمو الأوراق، ومرونتها العالية، بالإضافة إلى مقاومتها النسبية للأمراض.
ورغم ذلك، يحذر من التخلي الكامل عن زراعة العنب البلدي، لأنه يتسبب بفقدان جزء أساسي من التراث الزراعي المحلي، ومن الضروري الحفاظ عليه كجزء لا يتجزأ من التنوع البيولوجي في المنطقة، وكنبات قادر على التأقلم مع الظروف المناخية المحلية.
اقرأ أيضاً: التين السوري: حلى شعبية يهددها الجفاف!
أبرز المشكلات التي يتعرض لها العنب السوري
يمكن تلخيص مشكلات العنب السوري تبعاً للمشكلات الزراعية في عموم سوريا على اختلاف الأصناف، بسبب الظروف العاصفة التي تمر بها البلاد سواء الاقتصادية أو الطبيعية، ومن أبرز تلك المشكلات: تذبذب الري إذ يحتاج العنب إلى كمية محددة من المياه في مراحل نموه المختلفة، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة واختلافها بين الليل والنهار وزيادة الرطوبة مما يسبب أمراض فطرية كالبياض الزغبي، وموجه الجفاف التي تجتاح مختلف المزروعات في سوريا، إضافة إلى ارتفاع أسعار المبيدات والأدوية الزراعية، وغياب الدعم الحكومي السابق بشكل كلي عن محصول العنب، وصمت الحالي حياله.
اقرأ أيضاً: الجفاف وقلّة القمح يحاصرون مربي المواشي والمزارعين في المناطق الشرقية
ختاماً، العنب السوري البلدي من أجود أنواع العنب وأفضل من الفرنسي من حيث الثمار والمذاق والجودة، لا يجب إهماله وتركه يستبدل في الساحل السوري حفاظاً على هويته الوطنية، إلى جانب ذلك يجب أن تعقد الجهود للنهوض بزراعة العنب في مختلف أنحاء سوريا فهو ثمرة اقتصادية هامة.




