انطلق الحجاج السوريون أمس من مطار دمشق إلى مكة المكرمة لأول مرة بعد 14 عاماً، فمع نداءات المطار للتوجه نحو البوابات تتفتح آمال الحجاج بسوريا الجديدة القائمة على احترام المواطن، ويغلقوا صفحة ملؤها الحصار والتعقيدات، ومع تنظيم الحج ل22.500 حاج سوري يتلمس المواطن التغييرات ويُحدث المقارنات بين الوقت الحالي والوقت السابق.
يبدو على الحكومة الجديدة اهتمامها الكبير بأمور الحج والعمرة، فهذا أول حج للسوريين بعد سقوط النظام السابق، لذا لا بد من ملاحظة الفرق بين قبل التحرير وبعده، فلأول مرة سيرافق الحجاج السوريون بعثات إدارية ودينية وصحية للوقوف على متطلباتهم، كما سيتم تقديم طلب للمملكة العربية السعودية لزيادة أعداد السوريين الراغبين في الحج هذا العام، وقال وزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري: تمتد رحلات نقل الحجاج من الأمس وحتى الثاني من حزيران، وبمعدل 5 رحلات يومياً ومجمل هذه الرحلات 66 رحلة، كما تستخدم سوريا طيراناً تركياً وأوزبكياً لنقل السوريين إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة ثم إلى مكة المكرمة ومن هناك يتابعون طريقهم للمدينة المنورة.
اجراءات جديدة لحماية الحجاج السوريين هذا العام وتأمين راحتهم، فيرافق الحجاج فرق تطوعية لتسهيل اجراءات السفر، بالإضافة إلى المشرفين الذين سافروا مسبقاً إلى السعودية للاطلاع على الحجز الفندقي لهم، وميزة جديدة تضاف لأول مرة وهي وضع بطاقة صدرية للمسافرين السوريين تحتوي على رمز QR عند مسحها تعطي كافة المعلومات عن الحاج السوري مثل اسمه ومعلومات عنه، واسم المشرف على مجموعته وطريقة التواصل معه، وموقع فندقه في مكة وفي المدينة وغيرها من المعلومات التي تشعر الحاج بالأمان، بحسب مشرف البعثة السورية إلى الحج حيان درويش.
تتعاون عدة وزارات لإنجاح موسم الحج هذا العام وتقديم خدمات مريحة للحجاج السوريين، فقدمت وزارة الاتصالات وشركتي سيريتل و MTN بالتعاون مع وزارة الأوقاف حزم اتصال خاصة بالحجاج السوريين، وبين وزارة الأوقاف ووزارة الحج والعمرة السعودية للوقوف على متطلبات المسافرين ابتداءً من مطار دمشق حتى الانتهاء من الحج في السعودية.
كما أشاد العديد من الحجاج السوريين بالتنظيم والاحترام الذي رأوه من الموظفين في مطار دمشق، ولاحظوا غياب الرشاوي والفوضى التي كانت موجودة أيام النظام السابق، وأضاف وجود وزير الأوقاف في مطار دمشق مع المسافرين من التقرب بين السلطة والمواطنين.
اقرأ أيضاً: مطالبة السعودية بإعادة النظر في إلغاء تأشيرات الحج للفلسطينيين السوريين التي سبق أن وافقت عليها
الحجاج السوريون في زمن الحرب وما قبلها
بعد اندلاع الثورة السورية في عام 2011 وقطع العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والمملكة العربية السعودية، توقفت رحلات الحج الرسمية من مناطق سيطرة النظام، وفي عام 2013، تسلمت لجنة الحج العليا السورية” التابعة للمعارضة ملف الحج، وأصبحت الجهة الوحيدة المعترف بها من قبل وزارة الحج السعودية لتنظيم شؤون الحجاج السوريين، خاصةً من مناطق المعارضة والمغتربين في تركيا والأردن ومناطق أخرى، فيما لم يستطع السوريون الموجودون في مناطق النظام أن يذهبوا للحج.
وفي عام 2023 بدأت السعودية بإعادة العلاقات مع النظام السوري، وفي موسم حج 2024 تم تقسيم ملف الحج بين وزارة الأوقاف التابعة للنظام السوري بنسبة (77%) والهيئة السورية للحج والعمرة التابعة للمعارضة بنسبة (23%)، وهكذا تمكن الحجاج السوريون من التسجيل عبر منصات إلكترونية، وانطلقت أولى رحلات الحج من مطار دمشق الدولي لأول مرة منذ 12 عاماً ضمن مناطق النظام.
كانت تكاليف الحج في مناطق النظام تتراوح بين 85 و 200 مليون ليرة سورية (حوالي 5,700 إلى 13,400 دولار أمريكي) بينما بلغت في مناطق المعارضة حوالي 5,000 دولار أمريكي.
أما قبل عام 2011، كانت وزارة الأوقاف هي الجهة الرسمية المسؤولة عن تنظيم شؤون الحج والعمرة للمواطنين السوريين تولت الوزارة تنظيم القوافل، إصدار التصاريح، والتنسيق مع السلطات السعودية عبر السفارة السورية في الرياض، كان الحجاج السوريون يسافرون غالباً من مطار دمشق الدولي أو برا عبر الأردن.
في النهاية، ساد تفاؤل كبير يشعر به الحجاج السوريون هذا العام بعد إيقاف الملاحقات الأمنية بحق الكثير من المواطنين وختم جوازاتهم وخروجهم بكرامة من مطار دمشق.
اقرأ أيضاً: بجوائز تصل إلى 29 مليون ليرة.. وزارة الأوقاف تطلق مسابقة للطلاب والمدرسين