أعمال واستثمار

التداول في سوريا.. بين المغامرة والربح الآمن

هل عُرض عليك من قبل على مواقع التواصل الاجتماعي دخول سوق التداول، وترغيبك بالربح السريع مقابل مبلغ يعتبر قليل تضعه في هذا السوق؟ قبل التوجه نحو التداول عليك معرفة كافة تفاصيله من منصات وأنواع حتى لا تقع في شباك المحتالين من جهة، والخسارة المتكررة من جهة أخرى. فقد أصبح التداول هدف كل مستثمر ومالك لمبلغ معين من المال على أمل تحقيق الربح، وعلى ذلك سنمدك بكامل المعلومات عن أنواع التداول وكيفية اختياره، بالإضافة إلى طرق اختيار المنصة والتأكد من ترخيصها داخل سوريا وخارجها.

 التداول وأنواعه

قبل خوض مغامرة التداول لا بد أولاً من التعرف على معناه، وتبعاً لذلك عرف تقرير نشر على موقع إنفستوبيديا (Investopedia) التداول بأنه عملية شراء وبيع الأسهم أو العملات الرقمية عبر الأسواق المالية. ويعتمد التداول بشكل أساسي على التحليل الفني للأسواق، ويتيح في بعض الحالات تحقيق أرباح كبيرة خلال فترات زمنية قصيرة، خصوصاً عند استغلال تحركات الأسعار بعناية ودقة، لكن في المقابل قد يتعرض الشخص لخسارة كبيرة ومتتالية إذا حلل السوق بطريقة خاطئة.

أكمل التقرير الأمريكي معلوماته بالحديث حول أنواع التداول وقسمها لعدة أقسام حتى تتنوع الفرص أمام المتداولين إلى:

1. التداول اليومي (Day Trading)

يقوم على شراء وبيع الأصول المالية خلال يوم واحد فقط، دون الاحتفاظ بالمراكز بعد انتهاء جلسات التداول. ولا بد من التعرف على متطلباته القائمة على المتابعة المستمرة لحركة السوق أمام شاشات التداول، والقدرة على التحليل اللحظي والتصرف بسرعة بناءً على تحركات الأسعار، وذلك يحتاج إلى سرعة بديهة لاقتناص الفرصة.

أما آلية الربح في هذا النوع تعتمد على تحقيق المتداول للأرباح من خلال الاستفادة من التحركات الصغيرة لقيمة صافي أصول الأسهم، ويُعتبر هذا النوع منخفض المخاطر نسبياً مقارنة بأنواع أخرى.

2. المضاربة أو التداول بالخطف (Scalping)

تتميز هذه الطريقة بالسرعة الفائقة في فتح وإغلاق الصفقات، حيث يمكن إنهاء الصفقة في ثوانٍ أو دقائق فقط. يعتمد هذا النوع على تنفيذ عدد كبير من الصفقات الصغيرة المتكررة، وفهم دقيق للتحليل الفني واتجاهات السوق، إلا أن العائق فيه قد يكون الرسوم التي تفرضها المنصات بسبب كثرة المعاملات الناتجة عن عقد الصفقات.

3. التداول المتأرجح (Swing Trading)

يتمثل هذا النوع في الاحتفاظ بالأوراق المالية لعدة أيام للاستفادة من تقلبات الأسعار. ويعتمد هذا الأسلوب على تحليل فني وأساسي لتوقع اتجاهات الأسعار، ومن ثم اختيار فرص تداول مناسبة بناءً على حركة السوق على المدى القصير والمتوسط، وتقوم عملية الربح على الاستفادة من التغيرات السعرية خلال فترة قصيرة نسبياً دون الحاجة للمتابعة اللحظية كما في التداول اليومي.

4. تداول المراكز (Position Trading)

تداول المراكز يقوم على شراء الأصول والاحتفاظ بها لفترات طويلة قد تمتد لأسابيع أو سنوات، ويعرف أيضاً باسم استراتيجية الشراء والاحتفاظ. يتجاهل هذا النوع التحركات السعرية قصيرة الأجل، بينما يركز على الأداء طويل الأمد للأصل المالي.

يحتوي هذا النوع على عدة مميزات وعيوب، فمن ميزاته أنه لا يتطلب وقت وجهد بالمقارنة مع التداول اليومي أو المتأرجح، أما أبرز عيوبه تكمن في تفويت فرص الربح السريع الناتج عن ارتفاعات قصيرة الأجل للأسعار.

كيفية اختيار نوع التداول المناسب؟

بحسب تقرير نشره موقع إنديد (Indeed)، فإن اختيار أسلوب التداول المناسب يعد أمر بالغ الأهمية لكل مستثمر. فالنجاح في الأسواق المالية يعتمد على:

  • فهم الأنواع المختلفة للتداول.
  • مدى توافق النوع الذي تم اختياره مع شخصيتك.
  • مستوى المخاطرة الذي تستطيع تحمله.
  • الإطار الزمني الذي تفضله.
  • قدرتك على إجراء التحليل الفني أو الأساسي.
  • حالتك النفسية أثناء التداول.

وعليك قبل تقرير الأسلوب الذي تريد اتباعه توجيه بعض الأسئلة لنفسك، لأنها تحدد ما يناسبك من الأنواع أيضاً، ومنها: هل تكتفي بالتداول مرة واحدة يومياً؟ هل تتمتع بسرعة البديهة واتخاذ القرارات السريعة؟ وهل أنت صبور وهادئ بما يكفي لمواجهة تقلبات السوق؟

فمثلاً إذا كان لديك متسع من الوقت خلال فترات الصباح، وتمتلك معرفة جيدة بالتحليل الفني والأساسي، فقد يكون التداول اليومي هو الخيار الأمثل لك، لأنه يتطلب متابعة دقيقة لحركة السوق وتحليل مستمر للفرص الصغيرة التي يمكن أن تتحول إلى أرباح.

أما إذا كنت شخص سريع البديهة ويستطيع اتخاذ قرارات فورية، فإن التداول المتأرجح يناسبك أكثر، إذ يعتمد على الدخول والخروج من الصفقات بسرعة والاستفادة من تحركات السوق قصيرة المدى.

أما من يبحث عن أسلوب تداول أكثر هدوء، ويريد الابتعاد عن مراقبة الأسواق يومياً، فإن تداول المراكز يقدم الخيار الأمثل، حيث يمكنك الاحتفاظ بالأصول لفترات طويلة والاستفادة من الاتجاهات طويلة الأجل دون الانشغال بالتقلبات اللحظية.

بهذه الطريقة، يصبح اختيار أسلوب التداول مسألة تتعلق أكثر بشخصيتك وطرق إدارتك للوقت والمخاطر، وليس مجرد معرفة فنية بأنواع التداول المتاحة في الأسواق.

التداول في سوريا

بالنسبة إلى سوريا يتم التداول في سوق دمشق للأوراق المالية عبر نظام التداول الإلكتروني، الذي ينظم استقبال أوامر البيع والشراء وترتيبها وتوقيت تنفيذ الصفقات وفق القوانين واللوائح المعتمدة في السوق.

يتيح هذا النظام للمتداولين إرسال أوامر التداول بطريقتين:

  • عن طريق الوسطاء المرخصين: حيث يقوم العميل بتفويض الوسيط لإجراء الصفقات نيابة عنه وفق التعليمات المحددة.
  • مباشرة عبر الإنترنت: من خلال خدمات التداول الإلكتروني التي توفرها شركات الوساطة المرخصة، مما يمكّن العميل من تنفيذ صفقاته بنفسه دون الحاجة لتدخل الوسيط، مع الالتزام بالإجراءات والقوانين المعمول بها في السوق.

ونستنتج بذلك أن سوق دمشق للأوراق المالية يوفر مرونة كبيرة للمتداولين باعتماد الطريقة التي تناسبهم، وبالتالي التشجيع على خوض المغامرة.

معايير اختيار المنصات في سوريا

يشكل التداول تجربة مثيرة للمستثمرين والمتداولين في سوريا، والرغبة في تحقيق أرباح سريعة وناجحة تدفعهم لخوض هذه التجربة. ولتحقيق هذا النجاح يشكل اختيار منصة التداول الموثوقة والمرخصة أمراً أساسياً، إذ توفر هذه المنصات خدمات متنوعة تلبي احتياجات المتداول وتضمن سلامة استثماراته. ومن هذه المعايير:

1. من المهم اختيار شركات التداول المرخصة في سوريا من قبل هيئة الأوراق المالية السورية (SCFMS)، باعتبارها الجهة الرسمية المسؤولة عن تنظيم السوق.

2. عند التعامل مع منصات عالمية لا تخضع للرقابة السورية، يجب التأكد من حصولها على تراخيص دولية موثوقة لضمان حماية المستثمر وموثوقية التداول.

3. يجب التعرف على حجم فوارق الأسعار (Spreads) والعمولات التي تتقاضاها المنصة على الصفقات المختلفة، إذ تؤثر مباشرة على أرباح المستثمر.

4. من الضروري معرفة أنواع الأصول المتاحة للتداول مثل الأسهم والعملات الأجنبية والعقود مقابل الفروقات، لأن تنويع المحفظة يزيد من فرص الاستثمار ويقلل المخاطر.

5. يُفضل اختيار وسيط يوفر منصات عالمية متقدمة مثل MetaTrader 4 وMetaTrader 5، لضمان تنفيذ الأوامر بسرعة وسهولة.

6. من المهم أن تدعم المنصة مختلف أنظمة التشغيل وتكون متوافقة مع جميع الأجهزة، ما يتيح الوصول إلى الحساب وإجراء الصفقات في أي وقت ومكان. كما يُستحسن أن توفر الشركة دعماً للعملاء باللغة العربية لتسهيل حل المشكلات بشكل سريع وفعّال.

تراخيص وهيئات الرقابة في سوريا

حتى لا تقع في شباك الاحتيال والعقوبات أو المخالفات، يجب التأكد من أن المنصة التي تتعامل معها مرخصة وخاضعة للمعايير والرقابة، سواء داخل سوريا أو خارجها، وكذلك هذه التراخيص توفر لك الأمان في حالة التعامل مع وسيط مالي والتحقق من سجلاته.

أنواع التراخيص:

التراخيص المحلية:
أبرزها ترخيص هيئة الأوراق المالية السورية (SCFMS)، وهي الجهة الرسمية المسؤولة عن اعتماد ومراقبة شركات التداول في سوريا.

التراخيص الدولية:
تشمل تراخيص الهيئات الرقابية العالمية، والتي تُعد مؤشراً على موثوقية الشركات خارج سوريا، ومن أبرزها:

  • هيئة الأوراق المالية القبرصية (CySEC).
  • هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA).
  • الهيئة العامة للرقابة على سوق المال في سويسرا (FINMA).
  • هيئة أسواق المال والاستثمار في أستراليا (ASIC).
  • هيئة الرقابة الأمريكية (NFA).

باختصار، التداول والاستثمار هي مغامرة حقيقية تتطلب منك المعرفة، التخطيط، والوعي الشخصي. التزم بالمعايير والمعلومات وستكون بمأمن من كافة المخاطر.

اقرأ أيضاً: ما هي الصعوبات التي يواجهها تداول العملات الرقمية في سوريا؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى