البسطات في سوريا…خطوة نحو التنظيم وإيجاد الحلول

تعد البسطات أحد أساليب الرزق للطبقات الهشة اقتصادياً، وعلى الرغم من انتشارها بكثرة في سوريا نتيجة التدهور الاقتصادي والخروج من حرب دامت أربعة عشر عاماً، إلا أنها ظاهرة تنتشر حتى في الدول المتقدمة اقتصادياً سواء بالدول العربية أو الاجنبية، لكن انتشارها في تلك الدول يكون مدروس ومنظم بعيداً عن قطع الأرزاق، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على البسطات في سوريا، وننقل الحلول الممكنة مع إلقاء نظرة على شروط الحصول على ترخيص للبسطات الموسمية.
وجدت البسطات في الكثير من المحافظات السورية بطرق عشوائية وبعضها فقط يحمل طابع التنظيم، إلا أنها انتشرت بشكل مفاجئ وكثيف جداً بعد سقوط النظام، مما دفع بالحكومة السورية إلى إزالتها والتوجه نحو تنظيمها.
ونتاج هذا التنظيم كان انطلاق مشروع سوق النصر في منطقة الباب بريف حلب، مما يساهم بتحريك السوق الاقتصادية في تلك المنطقة، وتعزيز مكانتها كوجهة اقتصادية، وفي نفس الوقت معالجة أزمة البسطات.
وتعقيباً على هذه الخطوة أشاد مدير منطقة الباب الدكتور حسين الشهابي بفكرة المشروع، وأكد أنه حقق الغاية منه وهو التخلص من المظهر غير الحضاري للبسطات العشوائية الذي يعيق حركة المرور، وجاءت هذه الفكرة بعد عدة لقاءات بين المجلس البلدي والفعاليات التجارية لحل إزمة الأهالي الذين يعتاشون على هذه البسطات.
وأكد الشهابي أن مشروع سوق النصر سيساهم في تحقيق فرص عمل عديدة لذوي الدخل المحدود، وتعزيز الحركة التجارية والنمو الاقتصادي في تلك المدينة.
البسطات الموسمية أكثر انتشاراً وتنظيماً
بما أننا الآن مع بداية موسم العديد من الفواكه وغيرها من المنتجات الزراعية، نلاحظ انتشار البسطات التي تبيعها، وهذه تدعى بسطات موسمية أي أن أصحابها يلجأون لها فقط في موسم نتاج محصولهم، ومنها التين الشوكي أو الصبار كما يدعى باللغة العامية، وكذلك بسطات المونة من مكدوس وزيتون وزيت زيتون، وهي منتجات موسمية.
وتنظيماً لعمل هذه البسطات أعلنت محافظة دمشق في 24 أيار فتح باب التقديم للحصول على تراخيص للبسطات الموسمية وفق عدة شروط، ومنها تقديم كتاب خطي إلى الجهات الخدمية التي تقوم بزيارة الموقع المختار للبسطة مع مهندس الخدمات لتحديد المكان المناسب، ومن ثم يتم إحالة الطلب إلى مديرية شؤون الأملاك لاستكمال الاجراءات القانونية وتسديد الرسوم.
وتفتح هذه التراخيص الباب لمنح رخصتين بدل الواحدة شريطة أن تكون لمنتجين مختلفين، واستخدام عربة أو اثنتين أو مكان ثابت للوقوف فيه، أما بالنسبة لبائعي مشروبات العرقسوس والتمر الهندي عليهم الالتزام باللباس الشعبي الفلكلوري.
في حين هناك مجموعة من الأمور الممنوعة، ومنها منع التراخيص في بعض المواقع مثل الأسواق والمناطق التجارية، ومحيط المساجد والكنائس والمدارس أقل من 100 متر، إضافة إلى كراجات الانطلاق ومحيطها بمسافة أقل من 100 متر، مع ضرورة ترك مسافة فاصلة لا تقل عن 100 متر بين كل رخصتين، كما تشترط المحافظة تقديم رقم الهاتف وصورة الهوية الشخصية، والالتزام بعدم بيع مواد مخالفة أو التسبب بتشويه بصري أو عرقلة حركة المرور.
وتتكفل دوائر الخدمات وشرطة المجلس بمتابعة تنفيذ القرار، والجدير بالذكر أن مخالفة التعليمات قد تؤدي إلى إلغاء الترخيص، وحرمان المخالف من التقدم للحصول على رخص مستقبلية أو الحصول على أي امتيازات إضافية مثل الأكشاك أو نقاط البيع.
اقرأ أيضاً: ما سرّ ارتفاع سعر صرف الدولار في سوريا الآن؟!
طرق حل مشكلة البسطات
لم تكن المشكلة لدى أصحاب البسطات في إزالتها بقدر ما كانت غياب سياسة الاحتواء لها، حيث إن غالبية الذين يلجون للعمل عليها هم يعانون إما من البطالة أو الفقر الذي يحول دون فتح محال تجارية نظامية، وفي الحقيقة هي نقطة تحسب لهم، إذ أنهم اختاروا العمل على هذه البسطات بدلاً من التسول أو اللجوء إلى طرق الانحراف.
لذلك لا بد من التوجه نحو طرق لإيجاد حلول مختلفة سواء تنظيم البسطات بطرق حضارية وجذابة، أو بدعم هذه الفئة اقتصادياً أو اجتماعياً.
وتكمن إحدى الحلول الجيدة بما طبقته منطقة الباب عبر إطلاق مشروع سوق النصر، ففكرة الأسواق الشعبية تعتبر حلاً مطبقاً في الكثير من البلدان، إذ يتم استغلال المساحات العامة وأطراف البلدات والمدن لإقامة أسواق ونقاط بيع تضم هذه البسطات ضمن تراخيص نظامية.
بينما يمكن السماح للبسطات بالانتشار خارج هذه الأسواق ضمن ضوابط معينة كحل ثاني للمشكلة، وتكون هذه التراخيص إما موسمية أو يومية مقابل رسوم رمزية، لكن بشريطة أن لا تعرقل حركة المرور أو تضر بالمحال التجارية.
ومن ناحية أخرى ولإيصال أصوات أصحاب البسطات، من الممكن تشكيل جمعيات أو لجان شعبية ممثلة لهم ومنهم أمام المجالس المحلية والمحافظة، والتنسيق مع الجهات التطوعية للتدريب على مهارات البيع وتنظيم إدارة الدخل، وحتى من الممكن أن تساهم هذه اللجان في تخفيف ضغوط التكاليف في بعض عمليات شراء البضاعة، وفي نفس السياق يمكن أن تمارس مراكز التدريب المهني دورها عبر تمكين العاملين على البسطات، وتدريبهم على طرق لتحسين دخلهم أو التطور في عملهم للانتقال إلى مشاريع مستدامة.
الأسواق الشعبية في دبي تجربة ملهمة لمكافحة البسطات العشوائية
تعد الاسواق الشعبية في إمارة دبي من الأكثر الأماكن جذباً للسياح نظراً لطابعها العمراني والتصميم الذي يعكس البيئة الحضارية للمكان، وقد نظمت الإمارة هذه الأسواق بطريقة محكمة عبر تقسيمها إلى قطاعات، مثل سوق للخضار، سوق الملابس وغيرها من المنتجات، كما حددت أوقات العمل.
باختصار، واقع البسطات حالياً أفضل من السابق، وممكن أن نستغل هذه البسطات وتحويلها إلى وجهة سياحية، وتحتاج هذه الخطوة إلى زيادة في الاهتمام بمظهر هذه البسطات وحتى الأسواق الشعبية.
اقرأ أيضاً: الأسواق السورية بين الاقتصاد الحر وفوضى الأسعار.. غياب للرقابة وتبريرات من المسؤولين




