لا تزال المشاكل تلاحق السوريين بشكل عام، واللاجئين منهم بشكل خاص، فما إن تُحل مشكلة، حتى تظهر أخرى، فاللاجئون السوريون في تركيا، الذين يقدّر عددهم بنحو ثلاثة ملايين، يواجهون مشكلات متعددة، جميعها ترتبط بالقنصلية السورية في إسطنبول ومنها استخراج جواز السفر.
منذ سقوط النظام، طالت القنصليات السورية في الخارج تعديلات عديدة، من بينها شرط تصديق الشهادات الدراسية والأوراق الرسمية من القنصلية حصراً، ويشتكي السوريون من هذا الإجراء، إذ يضطرون للسفر من الولايات التركية المختلفة إلى إسطنبول لتصديق ورقة واحدة، وهو ما يترتب عليه تكاليف مرتفعة وأجور نقل باهظة، إلى جانب تعقيدات استخراج إذن السفر عند التنقل بين الولايات.
ولا تتوقف المعاناة عند هذا الحد، بل تمتد إلى مسألة استخراج جواز السفر، التي تتطلب الحجز عبر منصة إلكترونية لا يعلم السوريون متى تُفتح أو تُغلق، وعند اكتمال العدد المطلوب في الشهر، تُغلق المنصة، ويُجبر المواطن على الانتظار حتى الشهر التالي، لتبدأ رحلة المحاولة والانتظار من جديد.
وقد فتح هذا الإجراء الباب أمام السماسرة لاستغلال السوريين، ليس فقط في تركيا، بل في عدد من القنصليات السورية حول العالم. وعلى الرغم من تحذيرات القنصلية السورية في إسطنبول من التعامل مع السماسرة، إلا أن السوريين يضطرون للجوء إليهم لتسريع عملية استخراج الجواز، خاصة أن هؤلاء لم يعودوا يطلبون مبالغ باهظة كما في السابق، بل يكتفون غالباً بـ 50 دولاراً للجواز الواحد.
كما يشتكي السوريون من ارتفاع تكلفة جواز السفر التي تقارب 300 دولار، وهي تكلفة تتضاعف حين تضطر العائلة بأكملها إلى تجديد جوازاتها، أو عند تجديد الإقامات، مما يثقل كاهل السوري في الغربة.
اقرأ أيضاً: تركيا تبدأ بتحديث مطار دمشق الدولي لتعزيز سلامة الطيران
مشاكل جوازات السفر في دول أخرى
في مقطع فيديو، ظهر مواطن سوري من برلين يشتكي من التعقيدات التي يواجهها في استخراج أو تجديد جواز سفره، ووجّه مناشدة إلى وزير الخارجية، أسعد الشيباني، للنظر في الأمر، مشيراً إلى أنه أمضى ثلاثة أشهر يحاول الحجز على المنصة لتجديد جوازات سفره وأفراد عائلته دون جدوى، إذ تُفتح المنصة أحياناً لمدة دقيقة واحدة فقط.
اضطر المواطن للسفر إلى بلجيكا، بعدما أخبره أحدهم بإمكانية استخراج الجواز هناك دون الحاجة إلى الحجز الإلكتروني، ليتفاجئ لاحقاً بأن المعلومة غير صحيحة.
واستمرت معاناته حين أراد استخراج وكالة عامة، ليُفاجأ بتكلفتها الباهظة التي بلغت 185 يورو، وبحساب بسيط، تبيّن له أن تكلفة زيارته إلى بلده برفقة عائلته ستصل إلى نحو 3000 يورو، ما بين تجديد الجوازات، وحجز تذاكر السفر، واستخراج الأوراق الرسمية الأخرى.
ومن ناحية أخرى كانت قد أعلنت وزارة الداخلية في وقت سابق على لسان متحدثها نور الدين البابا أنها تعتزم تخفيض سعر استخراج جواز السفر بنسبة من 50 إلى 70 في المئة في الأيام القادمة دون تحديد موعد معين لهذا القرار الذي ينتظره الكثير من السوريين.
مشاكل إضافية في تركيا
في الوقت الذي عاد فيه عدد كبير من اللاجئين السوريين الحاصلين على بطاقة الحماية المؤقتة من تركيا إلى سوريا عبر المعابر الحدودية، عقب سقوط النظام، وتقديم تسهيلات متعددة لهم، بدءاً من فتح المعابر والسماح لأحد أفراد الأسرة بزيارة الوطن أكثر من مرة، وصولاً إلى منحهم خيار العودة جواً بوثيقة سفر مؤقتة تُمنح لمرة واحدة من القنصلية السورية – عاد ما يقارب 273 ألف لاجئ سوري طوعاً، بحسب تصريح نائب الرئيس التركي، جودت يلماز.
لكن المشكلات لم تتوقف، بل شملت السوريين من حاملي الجنسية المزدوجة (السورية والتركية)، فقد تم التعامل معهم كأتراك لا كسوريين، وبدأت القصة مع استئناف الرحلات الجوية بين مطاري إسطنبول ودمشق بتاريخ 23 كانون الثاني 2025، حيث صُدم السوريون من التكلفة الباهظة لتذاكر الطيران المباشر إلى دمشق، والتي تراوحت بين 500 و700 دولار، مما شكل عبئاً كبيراً على العائلات الراغبة في العودة إلى الوطن أو زيارته.
يروي أحد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية أنه من مدينة حلب، وحين قرر العودة إليها، تفاجأ بارتفاع تكاليف الحجز من المطار في إسطنبول إلى مطار حلب، فاختار طريقاً آخر، أقل تكلفة رغم مشقته، وهو السفر من إسطنبول إلى بيروت عبر أنقرة (ترانزيت)، ومن ثم التوجه براً من بيروت إلى الحدود السورية عبر معبر المصنع، وصولاً إلى حلب بالحافلة، وكل ذلك لأن تم اعتباره تركي سائح أو زائر وليس سوري.
ومن الجدير بالذكر أن عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية الاستثنائية بلغ 238,055 شخصاً، منهم 134,422 بالغاً، و100,633 طفلاً، و156,987 شخصاً تزيد أعمارهم عن 18 عاماً، بحسب ما صرّح به وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا.
ختاماً، عانى المواطن السوري، سواء في الداخل أو في الخارج، على مدى سنوات طويلة، ويبدو أنه لم يعد قادراً على الانتظار أكثر، لذلك، يحمّل الحكومة السورية مسؤولية إيجاد حلول جذرية للمشكلات التي تواجههم، وتسهيل الإجراءات في الدوائر الحكومية، بما يضمن كرامتهم ويخفف من معاناتهم في الغربة.
اقرأ أيضاً: هل ستشكل زيارة الشيباني منعطفاً في مسار اللاجئين السوريين وما الخيارات أمامهم؟!