في سياق العمل على استعادة عافية القطاع الصناعي السوري، شهد معمل «العربية» للإسمنت – التابع للشركة العامة لصناعة وتسويق الاسمنت ومواد البناء «عمران» – اجتماعاً مهماً لمجلس الإدارة، بحضور المدير العام لشركة «عمران»: المهندس محمود فضيلة، إلى جانب ممثلين عن الصندوق السيادي، بهدف بحث خطة تشغيل كاملة للمعمل ورفع طاقته الإنتاجية.
معمل «العربية» إسمنت محلي بمواصفات عالية
أبرز ما خرج به الاجتماع كان الاتفاق على إعداد خطة تشغيل تفصيلية لإطلاق إنتاج إسمنت بوزلاني عالي المقاومة من الصنف 42.5، بديلاً عن الأنواع المستوردة التي لطالما استحوذت على السوق المحلي.
كما تركزت النقاشات على ضرورة تأسيس قسم مستقل للتسويق وخدمة الزبائن، في محاولة لتجاوز الأساليب القديمة وإدخال مفاهيم حديثة في العلاقة مع السوق.
«عمران» كيان جديد نسبياً يمكن تقويته
يأتي هذا الحراك للاستفادة ممّا بدأته وزارة الاقتصاد والصناعة بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 3 في مطلع عام 2024، والذي أحدث شركة «عمران» بدمج مؤسستي الإنتاج والتسويق تحت سقف واحد، في خطوة هدفت في حينه إلى تحسين الأداء وضبط الحلقة الكاملة لصناعة وتسويق الإسمنت.
بعد عام ونصف فقط، بدأت ملامح هذا التحول تظهر فعلياً على الأرض. فالهيكل الإداري الجديد، الذي يدمج بين العمل المركزي والفروع الإقليمية، أتاح مرونة أوضح في اتخاذ القرارات التشغيلية والاستثمارية، كما سمح بالتركيز على الجودة والإنتاج التي يبدو أنّ الحكومة الجديدة توليها أهمية مرتفعة، الأمر الذي دفعها لإعادة تشغيل معمل «العربية».
وفرة المادة وتلاشي السوق السوداء
لأنّ الشيء بالشيء يذكر، فمنذ دخول معمل «العربية» المرحلة التجريبية للإنتاج خلال النصف الثاني من 2024، سجلت مراكز البيع التابعة لفرع المنطقة الشمالية والشرقية ارتفاعاً ملحوظاً في توافر الإسمنت، مع بيع أكثر من 13 ألف طن شهرياً.
ووفقاً لما أكده مدير الفرع في ذلك الوقت عكاش حاج أحمد، فإن هذه الوفرة ساهمت في اختفاء السوق السوداء التي كانت مسيطرة في حينه تدريجياً، ما يثبت أن تأمين المادة وحده كان كفيل بكسر الاحتكار وتحقيق الاستقرار.
اقرأ أيضاً: المنتجات الأجنبية: هل تنجو المنتجات السورية من طوفان الإغراق؟
مراجعة رخص الاستثمار: تصحيح المسار
بالتوازي مع هذه الخطوات التشغيلية، أطلقت الحكومة السورية الجديدة في حزيران 2025 مراجعة شاملة لرخص استثمار الإسمنت الممنوحة قبل عام 2011. الاجتماع الذي عقده نائب وزير الاقتصاد والصناعة باسل عبد الحنان في دمشق جمع ممثلين عن «عمران»، ووزارة الطاقة، وخبراء قانونيين وماليين، وخلص إلى تصنيف الرخص بحسب حالتها: فعّالة، متوقفة، متضررة، أو غير مستثمرة.
لم تكتفِ الحكومة بالمراجعة، بل وضعت خارطة طريق دقيقة لتفعيل ما يمكن تفعيله، وإلغاء الرخص التي لم يلتزم أصحابها ببنود التعاقد أو لم تعد قابلة للاستثمار. كما طُرحت مواقع جديدة للاستثمار، تمتاز بقربها من مراكز الاستهلاك وتوافر المواد الخام، مع التوجه لطرحها عبر مزايدات شفافة أو شراكات مباشرة.
«عمران»: كمشروع وطني
يتوزّع هيكل «عمران» على أربعة فروع إقليمية تغطي كل المحافظات، ومجموعة واسعة من المعامل ومراكز البيع. بفضل ذلك يمكنها أن تتحوّل إلى ما يشبه الذراع الصناعية للحكومة في مرحلة إعادة الإعمار. فالشركة لا تُنتج فقط، بل تراقب التسويق، وتضبط التوزيع، وتضع سياسات إنتاج تعتمد على بيانات دقيقة واحتياجات واقعية.
«عمران» اليوم هي مشروع وطني يعكس توجه الحكومة الجديدة نحو إعادة بناء الدولة على أسس حديثة، تعتمد على الكفاءة والشفافية والتكامل بين الإدارة والخدمة.
اقرأ أيضاً: سوريا تنهض: مشاريع لإعادة بناء القطاع الصحي في إدلب
اقرأ أيضاً: رئيس حركة التجديد الوطني عبيدة نحاس يلتقي السفير السعودي في دمشق