مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تشهد أسواق المواشي في سوريا ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الأضاحي، الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً بين المواطنين، خاصة مع استمرار التدهور في القدرة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة. وتشير المعطيات إلى أن أسعار الأضاحي في سوريا لهذا الموسم، وفقاً لما رصد حتى الآن، قد لا تكون في متناول معظم السوريين، مع التأكيد أن هذه الأسعار قابلة للتغير خلال الأيام المقبلة مع اقتراب العيد، وفقاً لكل محافظة.
أسعار الأضاحي في سوريا 2025
حتى اللحظة، تراوح سعر الخروف بين 3.5 و4 ملايين ليرة سورية، أما أسعار العجول فقد وصلت إلى نحو 20 مليون ليرة، في حين بلغ سعر الماعز بين 2 و3 ملايين ليرة حسب الحجم والوزن.
وهذا الارتفاع الحاد، بحسب تجار ومراقبين، سيدفع شريحة واسعة من السوريين للعزوف عن فكرة شراء الأضحية، نظراً لكونها باتت حكراً على المقتدرين فقط.
والجدير بالذكر، أن نسبة ذبح الأضاحي في عيد الأضحى الماضي 2024 لم تتجاوز 20% مقارنة بعام 2023، حيث قدر عدد الأضاحي بنحو 100 ألف فقط، مقابل أكثر من نصف مليون أضحية في العام الذي سبقه، وتعزى هذه الفجوة الكبيرة إلى تدهور الوضع الاقتصادي واستمرار الأعباء المعيشية على المواطنين.
ويصف مراقبون عيد الأضحى هذا العام بأنه استثنائي من حيث الأعباء المعيشية، التي تراكمت على المواطنين منذ بداية العام، بدءاً من شهر رمضان، ثم عيد الفطر، مروراً بموسم المونة، وصولاً إلى عيد الأضحى، كل ذلك انعكس في مزيد من الضغط الاقتصادي، دفع كثيرين للتفكير ألف مرة قبل الإقدام على خطوة الشراء.
اقرأ أيضاً: أزمة جفاف تهدد الأمن الغذائي في سوريا.. وخسائر القمح تصل إلى 75%
عوامل ارتفاع أسعار الأضاحي
يرجع بعض التجار ارتفاع الأسعار إلى مجموعة من العوامل، أبرزها؛ ارتفاع تكاليف الأعلاف المستوردة، التي تعتمد عليها تربية المواشي في سوريا بشكل أساسي، نتيجة تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار، ما أدى إلى تضاعف تكلفة تربية المواشي وارتفاع أسعارها في الأسواق.
إلى جانب موجة الجفاف وتغير المناخ التي تعصف بالبلد، والتي أدت إلى تقليل وفرة المراعي الطبيعية، ما اضطر المربين للاعتماد على الأعلاف، وبالتالي زادت التكاليف.
كما لوحظ خلال الشهور الماضية زيادة في تصدير المواشي السورية إلى دول الجوار، ما قلل المعروض محلياً ورفع الأسعار داخلياً، خاصة مع اقتراب موسم العيد.
ويرى خبراء اقتصاديون أن ما يحدث في السوق لا يخضع بالكامل لقوانين العرض والطلب، بل هناك من يستغل المناسبة الدينية لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.
وقال أحد الخبراء: إن “ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام لا يفسر فقط بالعوامل الاقتصادية، بل يعكس أيضاً غياباً للرقابة الفعلية على الأسواق”.
المواطنون: العيد للأغنياء فقط
يقول أبو محمد، وهو أحد سكان دمشق: “عيد الأضحى في كل البلاد المسلمة فرصة لتوزيع اللحوم على الفقراء، إلا في سوريا فالعيد محصوراً بالأغنياء فقط”.
بينما قال مواطن آخر إنه اشترى أضحية العام الماضي بمبلغ مقبول نسبياً، أما هذا العام فيبدو أن “الأضاحي أصبحت لمن استطاع إليها سبيلا”.
كما طالب مواطنون بضرورة تدخل حكومي سريع لضبط الأسواق ومنع الاحتكار، مؤكدين أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى عزوف جماعي عن أداء شعيرة الأضحية هذا العام، في وقت يفترض أن تكون هذه المناسبة فرصة للتكافل الاجتماعي لا للتمييز الطبقي.
في الختام، من يتابع حال الشارع السوري في الأيام، التي تسبق عيد الأضحى، يدرك حجم الأعباء الاقتصادية والتكاليف المعيشية، التي تثقل كاهل المواطنين.
فعلى صعيد الأضاحي، ورغم دخول كميات من اللحوم الحية والمجمدة إلى البلاد، لا يزال الكثير من المواطنين يعانون من صعوبة شراء أضحية العيد، أو حتى كيلو واحد فقط، في ظل استغلال بعض التجار لهذه الموسم.
فهل ستتدخل الحكومة لنشهد تغيرات ملموسة في الأيام القادمة على الأسعار؟
اقرأ أيضاً: سوريا بعد الحرب.. القطاع الصحي مشلول والشعب يدفع الثمن!
سنة الأضحية
تعد الأضحية وفق منظور علماء فقه، رمزاً مميزاً للعطاء والتكاتف الاجتماعي، وهي ما يذبح من بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) تقرباً لله تعالى في البلد الذي يقيم فيه المضحي من بعد صلاة عيد الأضحى إلى آخر أيام التشريق (وهو يوم 13 من ذي الحجة) بنية الأضحية.
وهي ليست واجبة، بل هي سنة مؤكدة مع الاستطاعة، واحدة عنه وعن أهل بيته وإن ضحى بأكثر فلا بأس، وإن كان عاجزاً فلا شيء عليه، إنما هي سنة مؤكدة مع القدرة، ولها ثواب عظيم في الدنيا والآخرة.
وفيما يتعلق بمعايير اختيار الأضاحي، يجب أن تكون الحيوانات التي تقدم كأضاحي صحية وخالية من العيوب الظاهرة، مثل الإعاقة أو الأمراض الخطيرة، وينصح أيضًا بأن تكون الأضاحي في أفضل حالاتها البدنية والنفسية، مما يضمن الجودة والتميز في العبادة.
أما في يخص المضحي، فيجب توفر الشروط التالية المتفق عليها على حتى يقع عليه حكم الأضحية، والتي تتضمن؛ الإسلام، العقل، الحرية، والقدرة المالية.
أما بالنسبة لأثر الأضاحي على الفرد والمجتمع، فهي تلعب دوراً كبيراً في تعزيز القيم الدينية والاجتماعية.
فعلى المستوى الفردي، تعزز هذه الشعيرة الوعي الديني والتواصل مع الله تعالى، وتذكر المسلم بتضحية النبي إبراهيم عليه السلام واختباره للتفاني والإخلاص في طاعة الله، كما تسهم هذه العبادة في ترسيخ الروابط السرية والاجتماعية، من خلال مشاركة أفراد الأسرة في إعداد الأضاحي وتوزيعها على الأقارب والجيران والفقراء والمحتاجين، مما يعزز روح التكافل والتعاون في المجتمع.
أما على المستوى الاجتماعي، تساعد عملية ذبح الأضاحي في تحسين ظروف الحياة للفقراء والمحتاجين، إذ يعتبر توزيع اللحوم والمنتجات الأخرى من الأضاحي واجبًا اجتماعيًا، وتحظى به استحسان المجتمع بشكل عام.
ففي الوقت نفسه الذي يعبر فيه المسلمون عن تقربهم من الله، يتمكن الفقراء والمحتاجون من الاستفادة من هذه اللحوم والمواد الغذائية الهامة، مما يساهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية.
