في صالة تدريب متواضعة بدمشق، يحاول المدرب ياسر بيضون أن يصنع من خامات المواهب السورية أبطالاً قادرين على المنافسة دولياً. بين يديه أربعة لاعبين (ثلاثة ذكور وأنثى) يستعدون لتمثيل سوريا في بطولة المجلس الدولي للرياضة العسكرية (CISM) المقررة في ألمانيا نهاية حزيران الجاري.
“نحلم بتحقيق نتائج مشرفة رغم التحديات“.. بهذه العبارة لخص ياسر بيضون “المدرب المختص بهذه الرياضة” لصحيفة محلية إلكترونية، واقع الجودو السوري الذي يعاني من شح الإمكانيات. فالصالات الرياضية ما زالت تعاني من آثار الدمار في العديد من المناطق، والمعدات التدريبية لا تكفي لصناعة أبطال بأعلى المستويات.
وراء كل لاعب قصة ملهمة.. 400 لاعب توزعوا بين إدلب وحلب ودرعا وريف دمشق، تخرجوا من مدارس الجودو المحلية، يحملون أحلاماً كبيرة لكنهم يفتقرون إلى الدعم اللازم. هؤلاء الشباب يشكلون النواة الصلبة لمنتخب واعد، لو وجد الرعاية الكافية.
إمكانيات شحيحة ل الجودو لكن بأمل كبير
المشهد لا يخلو من الأمل.. مجموعة من المدربين يعملون بإمكانيات بسيطة لإنشاء مراكز تدريب في مختلف المحافظات، بينما تبدأ ملامح اتحاد الجودو بالتشكل لدعم هذه الرياضة التي تمتلك كل مقومات الانتشار في سوريا.
على الصعيد الدولي، تمثل البطولة فرصة ثمينة للاعبي الجودو السوريين. هذه المنظمة التي تضم 140 دولة وتنظم أكثر من 22 بطولة سنوياً، تهدف إلى تعزيز السلام العالمي من خلال الرياضة. وهي نفس الفلسفة التي أسس عليها الياباني جيغورو كانو رياضة الجودو قبل 140 عاماً، والتي أصبحت اليوم تمارس من قبل 40 مليون شخص حول العالم.
اقرأ أيضاً: المنتخب السوري لكرة القدم: مشاكل يجب حلها للتأهل لنهائيات آسيا 2027!
أما في سوريا، فما زال الطريق طويلاً أمام هذه الرياضة. بيضون الذي يدرب في نادي الجيش وبعض الأندية الخاصة، يدرك أن تحقيق الأحلام الأولمبية يحتاج إلى أكثر من المواهب الفردية. “نحتاج إلى منشآت مجهزة، واهتمام رسمي، ودعم مادي ومعنوي”، هذه هي المطالب الرئيسية التي يكررها المدربون قد تكون المفتاح لتحويل المواهب الخام إلى أبطال حقيقيين.
محطات سورية مع هذه الرياضة
في آب 2023، أبهر 24 لاعباً من فئات البراعم والأشبال والصغار الحضور في بطولة “سكاريا” الدولية، حيث حمل “منتخب سوريا” راية البلاد عالياً بحصده المركز الثالث في فئة الصغار، يتقدمهم أبطال حملوا ذهبيتين وبرونزيتين إلى ديارهم.
لم تتوقف سلسلة الإنجازات عند هذا الحد. ففي نفس الشهر، تألق اللاعبان محمد الملقي ومصطفى الملقي في سماء بطولة “عيد النصر للكاراتيه” بغازي عينتاب، حيث حلقا عالياً بميداليتين ذهبيتين في فئتي +45 و+50 كيلوغراماً.
العام السابق شهد هو الآخر بريقاً سورياً مميزاً. ففي 2022، خطف 15 لاعباً من شمال سوريا الأضواء في بطولة سكاريا، حيث غادروا السجادة بسبع ذهبيات توزعت بين المراكز الأولى والثانية. ولم يكد يمضي شهر حتى أضاف منتخب سوريا الحر إنجازاً جديداً في كوجالي التركية، حيث حطم 20 لاعباً من إدلب وحلب كل التوقعات بحصدهم المركز الثاني في الترتيب العام.
اقرأ أيضاً: بين نظام قديم وآخر جديد: ما الذي يحتاجه المنتخب السوري لتحقيق آماله!
هذه النتائج لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمرة جهود متواصلة لمواهب سورية صقلتها الظروف القاسية. ففي خضم الدمار الذي طال المنشآت الرياضية، ووسط شح الإمكانيات، يصر هؤلاء اللاعبون على كتابة تاريخ جديد للجودو السوري.