وسط حالة عدم الاستقرار التي تشهدها سوريا، وفي مشهد سياسي معقد، تتحدث بعض المصادر الإعلامية أن الأمم المتحدة شرعت مؤخراً في تنفيذ تحركات دبلوماسية ميدانية تهدف إلى كسب تأييد مكونات المجتمع السوري لخطة جديدة تتعلق بالمرحلة الانتقالية في البلاد.. فحول ماذا يدور الحديث؟
خطة انتقالية: لقاءات غير منسقة تفتح أبواب الصدام
وبحسب مصادر سورية مطّلعة، فإن ممثلين عن المنظمة الأممية عقدوا لقاءات مباشرة مع شخصيات دينية واجتماعية تمثّل أطيافاً مختلفة من المجتمع السوري، من دون التنسيق مع السلطات الرسمية في دمشق. هذه الخطوة، وفق المصادر ذاتها، تهدد بإحداث شرخ في المساعي الحكومية لتحقيق السلم الأهلي، وقد تعرقل تطبيق خطة الحكومة الانتقالية التي تم الإعلان عنها عقب مؤتمر الحوار الوطني الذي جرى في آذار الماضي.
زيارة إلى السويداء ولقاءات متعددة
في هذا السياق، قامت نائبة المبعوث الأممي إلى سوريا، نجاة رشدي، بزيارة إلى محافظة السويداء جنوب البلاد، حيث التقت بالشيخ حكمت الهجري وعدد من المرجعيات الروحية لطائفة الموحدين الدروز. كما شملت اللقاءات مرجعيات دينية أخرى في كنيسة الروم الأرثوذكس، ووجهاء من عشائر المحافظة. هذه اللقاءات جاءت ضمن سلسلة زيارات تهدف إلى توسيع مظلة التشاور مع مكونات المجتمع السوري.
خطة انتقالية مثيرة للجدل
الأمم المتحدة، وخلال تلك التحركات، طرحت خطة بديلة للمرحلة الانتقالية تتضمن 12 بنداً. إلا أن هذه الخطة أثارت تحفظات شديدة لدى دمشق، نظراً لما تضمنته من بنود تُعدّ – من وجهة نظر الحكومة – تجاوزاً لصلاحيات الدولة، ومحاولة لفرض وصاية خارجية على مؤسساتها. وتغطي البنود المقترحة مجالات حساسة، من بينها الإصلاح العسكري والأمني، والملف المالي، والسياسات الإعلامية، وصولاً إلى القضايا الدستورية.
اقرأ أيضاً: هل بدأت معارك سوريا الجديدة ضدّ «داعش»؟
دعم غير متوازن؟
وتشير المصادر إلى أن الخطة الأممية – بشكل غير مباشر – تميل لصالح الكيانات المعارضة، وتُعزز من موقعها من خلال فرض آليات تشاركية تلزم الحكومة بإشراكها، رغم أنها لم تغير مواقفها الرافضة للحكومة السورية. وتؤكد ذات المصادر أن هذه البنود قد تخلق بيئة معقدة على مستوى الداخل السوري، حيث ستتولد مخاوف من إضعاف الدولة المركزية، وتشجيع نوع من الإدارة التشاركية التي قد تؤدي إلى تفكك السيادة.
تشاركية واسعة تتخطى الحدود التقليدية
ومن أبرز النقاط التي أثارت الجدل أيضاً، هي سعي الخطة إلى إشراك جهات متعددة – بعضها خارج البلاد – في عملية صنع القرار الانتقالي. وتشمل الجهات التي تسترشد بها الأمم المتحدة في خطتها: منظمات المجتمع المدني، والمنظمات الدولية، والمؤسسات غير الحكومية الوطنية، والسلطات المحلية، بالإضافة إلى الشتات السوري، والقطاع الخاص، ومجتمع المانحين، والمؤسسات المالية الدولية. وهذا النهج يوحي بانتقال سياسي لا يتوقف عند الحد الإنساني، بل يتجاوز ذلك إلى إعادة هيكلة النظام بأكمله، وذلك وفق ما ذهبت إليه مواقع إعلامية تنشر عن الشأن السوري.
خطة «غير اعتيادية» من الأمم المتحدة
ختاماً، تُعدّ الخطة التي يجري الحديث عنها من أبرز المبادرات الأممية التي تتجاوز الدور الإنساني التقليدي الذي اعتادت المنظمة أن تلعبه في مناطق النزاع. فبدلاً من التركيز على الإغاثة والمساعدات، تتجه الخطة الحالية نحو الدخول في تفاصيل دقيقة وحساسة تخص مستقبل البلاد السياسي، ما يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى قدرة الأمم المتحدة على تنفيذها دون صدام مباشر مع الحكومة السورية.