آخرها جسور الشفاء والأمل.. تعرف على المساعدات القطرية لسوريا

بعد سنواتٍ من العزلة والقطيعة، بدأت تتشكل ملامح عهدٍ جديد في سوريا مع تسلم أحمد الشرع لمنصب الرئيس ، حيث لم تمضِ فترة طويلة حتى انفتحت أبواب الدعم العربي مجدداً، وكانت دولة قطر من أوائل الدول التي مدت يد العون، لتُطلق جسوراً من المساعدات تجاوزت حدود الإغاثة الإنسانية العاجلة.
فمن دعم القطاع الصحي في البلاد إلى الدعم المالي الذي يُعيد الأمل في استقرار الاقتصاد، وصولاً إلى الوعود بإعادة الإعمار والاستثمار، أصبحت المساعدات القطرية لسوريا جزءاً لا يتجزأ من مرحلة إعادة البناء.
فما هي أبرز أوجه هذا الدعم الذي تعوّل عليه سوريا في مسيرتها نحو التعافي؟
دعم قطري شامل لقطاع الصحة في سوريا
كانت المساعدات القطرية لسوريا، بعد سقوط النظام، في القطاع الصحي متنوعة وشاملة، حيث لم تقتصر على الدعم المباشر فحسب، بل امتدت لتشمل إعادة تأهيل البنية التحتية ووضع خطط لمشاريع مستقبلية.
المساعدات الفورية ودعم البنية التحتية
قدمت قطر دعماً لوجستياً ومادياً كبيراً، حيث كشفت وزارة الخارجية القطرية أن حجم المساعدات بلغ 144 طناً من المواد الطبية والغذائية ومستلزمات الإيواء، وقد وصلت هذه المساعدات عبر جسر جوي إلى مطار دمشق الدولي، ومن بينها شحنة طبية وإغاثية بلغ وزنها 31 طناً.
إلى جانب المساعدات العاجلة، عملت قطر على دعم البنية التحتية الصحية، حيث تم الاتفاق على تزويد سوريا بالأجهزة الطبية وإعادة تأهيل عدد من المراكز الصحية.
مشاريع مستقبلية لتعزيز القطاع الصحي
في لقاء جمع وزير الصحة السوري مصعب العلي مع نظيره القطري منصور بن إبراهيم في العاصمة القطرية الدوحة، ناقش الجانبان آلية دعم القطاع الصحي في سوريا، والاتفاق على تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية، من بينها بناء مستشفى حديث وفق أعلى المعايير، وإعادة ترميم 3 مستشفيات رئيسية وتجهيزها بالكامل، إلى جانب تشغيلها لمدة 3 سنوات بدعم قطري، وفق ما فادته وكالة الأنباء السورية “سانا”.
وأفادت الوكالة أيضاً أن الاتفاق تضمّن تزويد وزارة الصحة السورية بسيارات إسعاف وأجهزة طبية حديثة، بالإضافة إلى تخصيص مبلغ مالي لدعم الحالات الصحية الطارئة، ما يسهم في تعزيز قدرة القطاع الصحي السوري على الاستجابة للاحتياجات المتزايدة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
بالإضافة إلى ذلك، استعرض وفد منظمة قطر الخيرية مشاريع المنظمة في سوريا خلال لقاءه مع وزير الصحة السوري، ومنها إنشاء قسم أطفال في مشفى عفرين، وتأسيس مركز للسرطان لتقديم الجرعات العلاجية، بالإضافة إلى توفير الدعم في مجال الأدوية والأجهزة الطبية وفق خطة وزارة الصحة.
الهلال القطري يطلق مشروعاً لعلاج مرضى السرطان شمالي سوريا
أطلق الهلال الأحمر القطري مشروع “جسور الشفاء والأمل 2” لعلاج مرضى السرطان في شمال سوريا، وذلك بتوفير الأدوية عالية التكلفة، مثل الأدوية الكيماوية والمناعية، للمرضى المسجلين في مراكز الأورام لمدة خمسة أشهر.
وجاء إطلاق المشروع استجابةً للنقص الحاد في خدمات الرعاية الصحية المتخصصة وارتفاع أسعار الأدوية، ومن المتوقع أن يساهم في تقليل معدلات الوفاة والمضاعفات الصحية، كما سيخفف الضغط على المرافق المحلية ويقلل الحاجة إلى تحويل المرضى للعلاج خارج البلاد.
وسيقوم المشروع بتوريد وتوزيع الأدوية الأساسية بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، ومن المتوقع أن يستفيد منه 112 مريضاً بشكل مباشر، و560 شخصاً من أسرهم والمجتمع المحلي بشكل غير مباشر.
قطر تقدم دعم مالي كبير لسوريا الجديدة
في إطار دعم إعادة الاستقرار الاقتصادي، تواصل دولة قطر تقديم دعم مالي كبير لسوريا الجديدة، حيث شمل هذا الدعم تقديم منحة بالاشتراك مع السعودية لتغطية رواتب موظفي القطاع العام لمدة ثلاثة أشهر، بلغت قيمتها حوالي 87 مليون دولار من الجانب القطري.
وفي خطوة مهمة، قامت قطر بالتعاون مع السعودية بتسوية ديون سوريا المتأخرة للبنك الدولي، والتي بلغت نحو 15 مليون دولار، مما فتح الباب أمام سوريا للحصول على قروض ومساعدات جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، شاركت شركات قطرية في توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم استثمارية في دمشق بقيمة 14 مليار دولار، مما يؤكد اهتمام قطر بالمساهمة في عملية إعادة الإعمار والتنمية.
الدعم القطري لقطاع الكهرباء في سوريا الجديدة
شهد قطاع الطاقة في سوريا، الذي يعاني من أزمات متلاحقة، مبادرة نوعية من دولة قطر تهدف إلى إعادة إحيائه، حيث أطلقت قطر، عبر صندوق قطر للتنمية وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مشروعاً استراتيجياً لتزويد سوريا بإمدادات من الغاز الطبيعي عبر الأردن.
ويهدف هذا المشروع إلى معالجة النقص الحاد في توليد الكهرباء، حيث ستساهم إمدادات الغاز في المرحلة الأولى في توليد 400 ميغاواط من الكهرباء يومياً.
ويُخطط لزيادة كمية الغاز الطبيعي تدريجياً، مما سيعزز قدرة سوريا على توليد المزيد من الكهرباء، ويخفف الضغط عن شبكتها الوطنية المتهالكة.
وتُعد هذه المبادرة خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في قطاع الطاقة، الذي يعد أساساً لإعادة تشغيل المصانع وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
في الختام، تتجاوز المساعدات القطرية لسوريا في عهد الرئيس أحمد الشرع مجرد الدعم المادي والإغاثي، لترسم خريطة طريق متكاملة نحو التعافي وإعادة البناء، فمن الجسور الجوية التي حملت الأمل لمستشفيات الشمال، إلى المبادرات الاستراتيجية لإعادة إحياء قطاعي الطاقة والصحة، وصولاً إلى الاستثمارات الضخمة التي تهدف لإنعاش الاقتصاد، تبدو قطر عازمة على لعب دور محوري في دعم المرحلة الجديدة في سوريا.
اقرأ أيضاً: هل تكون المنحة القطرية مقدمة لإنعاش الواقع الكهربائي في سوريا؟
ويبقى أن نرى كيف ستتطور هذه الشراكة في المستقبل، وإلى أي مدى ستساهم هذه المشاريع الحيوية في تحقيق الاستقرار والازدهار الذي طالما انتظره الشعب السوري.




